للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن سعد (١): حدثنا محمد بن عمر، قال: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: كان الزهري يقدح أبداً عند هشام في الوليد ويعيبه ويذكر أموراً عظيمة لا ينطق بها حتى يذكر الصبيان أنهم يخضبون بالحناء، ويقول: ما يحل لك إلا خلعه، فلا يستطيع هشام. ولو بقي الزهري إلى أن تملك الوليد لفتك به.

قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك بن عثمان، عن أبيه، قال: أراد هشام أن يخلع الوليد ويجعل العهد لولده، فقال الوليد (٢):

كفرت يدا من منعم لو شكرتها … جزاك بها الرحمن ذو الفضل والمن

رأيتك تبني جاهدا في قطيعتي … ولو كنت ذا حزم لهدمت ما تبني

أراك على الباقين تجني ضغينة … فيا ويحهم إن مت من شر ما تجني

كأني بهم يوما وأكثر قيلهم … " ألا ليت أنا " حين يا ليت لا تغني

قالوا: وتسلم الأمر الوليد في ربيع الآخر سنة خمس عند موت هشام.

قال حماد الراوية: كنت يوما عند الوليد فدخل عليه منجمان، فقالا: نظرنا فيما أمرتنا فوجدناك تملك سبع سنين، قال حماد: فأردت أن أخدعه، فقلت: كذبا ونحن أعلم بالآثار وضروب العلم وقد نظرنا في هذا والناس فوجدناك تملك أربعين سنة. فأطرق، ثم قال: لا ما قالا يكسرني، ولا ما قلت يغرني، والله لأجبين هذا المال من حله جباية من يعيش الأبد، ولأصرفنه في حقه صرف من يموت الغد.

قال العتبي: كان الوليد بن يزيد رأى نصرانية اسمها سفرى فجن بها وجعل يراسلها وتأبى عليه - وقد قرب عيد النصارى - فبلغه أنها تخرج فيه إلى بستان يدخله النساء فصانع الوليد صاحب البستان وتقشف الوليد وتنكر ودخلت سفرى البستان فجعلت تمشي حتى انتهت إليه، فقالت لصاحب البستان: من هذا؟ قال: رجل مصاب، فأخذت تمازحه وتضاحكه، ثم قيل لها: تدرين من ذاك الرجل؟ قالت: لا، فقيل لها: هو الوليد، فجنت به بعد


(١) القسم المتمم لتابعي أهل المدينة من الطبقات ١٨٣ - ١٨٤.
(٢) الأبيات في تاريخ الطبري ٧/ ٢١٥.