وقال أبو قريش الحافظ: سمعت محمد بن بشّار يقول: حفّاظ الدّنيا أربعة: أبو زرعة بالرِّيّ، ومسلم بنيسابور، وعبد الله الدّارميّ بسمرقند، ومحمد بن إسماعيل ببخارى.
وقال أبو عمرو بن حمدان: سألت ابن عقدة الحافظ، عن البخاريّ، ومسلم، أيُّهما أعلم؟ فقال: كان محمد عالمًا ومسلم عالمًا.
فكرّرت عليه مرارًا، ثم قال: يا أبا عمرو، قد يقع لمحمد بن إسماعيل الغلط في أهل الشّام، وذلك أنّه أخذ كتبهم فنظر فيها، فربّما ذكر الواحد منهم بكنيته، ويذكره في موضع آخر باسمه ويتوهَّم أنَّهما اثنان، وأمّا مسلم، فقلَّ ما يقع له من الغلط في العلل، لأّنه كتب المسانيد، ولم يكتب المقاطيع (١) ولا المراسيل.
وقال أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم: إنّما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى الذُّهليّ، ومسلم بن الحجّاج، وإبراهيم بن أبي طالب.
وقال الحسين بن محمد الماسرجسيّ: سمعت أبي يقول: سمعت مسلمًا يقول: صنّفت هذا المسند الصّحيح من ثلاثمائة ألف حديثٍ مسموعة.
وقال أحمد بن سلمة: كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمسة عشر سنة. قال: وهو اثنا عشر ألف حديث، يعني بالمكَّرر، بحيث إنّه إذا قال: حدثنا قتيبة وابن رمح يعدُّهما حديثين، سواء اتفّق لفظهما أو اختلف.
وقال ابن منده: سمعت الحافظ أبا عليّ النيَّسابوري يقول: ما تحت أديم السّماء كتاب أصّح من كتاب مسلم.
وقال مكّي بن عبدان: سمعت مسلمًا يقول: عرضت كتابي هذا المسند على أبي زرعة فكّل ما أشار عليّ في هذا الكتاب أن له علّة وسببًا تركته. وكلّ ما قال إنّه صحيح ليس له علّة، فهو الّذي أخرجت. ولو أنّ
(١) قال المصنف في السير ١٢/ ٥٦٥: "عنى بالمقاطيع أقوال الصحابة والتابعين في الفقه والتفسير".