ثم قال البخاري: أحمد بن صالح، قال: حدثنا طالوت، قال: حدثنا عصام بن طليق، قال: حدثنا شعيب، عن أبي هريرة: قتل رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهيدا، فبكته باكية، فقال لها: ما يدريك أنه شهيد، فلعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، أو يبخل بفضل ما لا ينفعه.
٢٧٩ - عطاء المقنع.
شيخ لعين، خرساني، كان يعرف السحر والسيمياء، فربط الناس بالخوارق والمغيبات، وادعى الربوبية من طريق المناسخة، فقال: إن الله - جل وعز - تحول إلى صورة آدم، ولذلك أمر الملائكة بالسجود له، ثم تحول إلى صورة نوح، ثم إبراهيم، وغيرهم من الأنبياء، والحكماء الفلاسفة، إلى أن حصل في صورة أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة، ثم بعده انتقل إلي، فعبده خلائف من الجهلة، وقاتلوا دونه مع ما شاهدوا من قبح صورته، وسماجة وجهه.
كان مشوها، أعور، قصيرا، ألكن، وكان لا يكشف وجهه، بل اتخذ له وجها من ذهب؛ ولذلك قيل له المقنع.
ومما أضلهم به من المخاريق قمر يرونه في السماء مع قمر السماء، فقيل: كان يراه الناس من مسيرة شهرين، ففي ذلك يتغزل هبة الله ابن سناء الملك من قصيدة:
إليك فما بدر المقنع طالعا بأسحر من ألحاظ بدر المعمم ولأبي العلاء المعري:
أفق إنما البدر المعمم رأسه ضلال وغي مثل بدر المقنع ولما استفحل الشر بعطاء - لعنه الله - تجهز العسكر لحربه، وقصدوه وحصروه في قلعته، فلما عرف أنه مأخوذ، جمع نساءه وسقاهن السم