للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن بن عيسى بن ماسرجس: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى، ومخلد بن الحسين، ومحمد بن النضر، فقالوا: تعالوا حتى نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد، والشعر، والفصاحة، وقيام الليل، والعبادة، والحج، والغزو، والشجاعة، والفروسية، والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف، وقلة الخلاف على أصحابه.

قال نعيم بن حماد: قال رجل لابن المبارك: قرأت البارحة القرآن في ركعة (١)، فقال ابن المبارك: لكني أعرف رجلا لم يزل البارحة يردد ألهاكم التكاثر إلى الصبح ما قدر أن يتجاوزها، يعني نفسه.

قال نعيم: كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور يخور (٢) من البكاء.

روى العباس بن مصعب الحافظ، عن إبراهيم بن إسحاق البناني، عن ابن المبارك قال: حملت العلم عن أربعة آلاف شيخ، فرويت عن ألف، قال العباس: فتتبعتهم حتى وقع لي ثمانمائة شيخ له.

وقال حبيب الجلاب: سألت ابن المبارك: ما خير ما أعطي الإنسان؟ قال: غريزة عقل، قلت: فإن لم يكن؟ قال: حسن أدب، قلت: فإن لم يكن؟ قال: أخ شفيق يستشيره، قلت: فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل، قلت: فإن لم يكن؟ قال: موت عاجل.

وقال عبدان بن عثمان: قال عبد الله: إذا غلبت محاسن الرجال على مساوئه لم تذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن.

قال نعيم: سمعت ابن المبارك يقول: عجبت لمن لم يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إلى مكرمة.

وقال عبدان بن عثمان: سمعته يقول: ولدت سنة تسع عشرة ومائة.

قال العباس بن مصعب: كان عبد الله لرجل تاجر من همذان من بني


(١) نعيم بن حماد ضعيف، وهذا الفعل إن صح مخالف للسنة، فقد نهى النبي أن يقرأ القرآن كاملًا في أقل من ثلاث.
(٢) كتب المصنف في حاشية نسخته "خ: منحور"، أي هو كذلك في نسخة أخرى، وانظر تاريخ الخطيب ١١/ ٤٠٦.