قال: وأخبرني شيخنا أبو العبّاس أحمد ابن العماد إبراهيم المقدسيّ قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم في النَّوم بوداع الشّيخ عثمان، فلمّا جئت لأودّعه قام إليّ وقال: جئت تودّعني مثلما ودّعت الشّيخ إبراهيم؟ قلت: نعم.
قال: وأخبرني إبراهيم أنّ أباه لبِس من الشيخ عبد الله اليُونينيّ، وأنّه اجتمع بالشّيخ أبي الحسن الشّعرانيّ الّذي بجبل لبنان.
قلت: وللشّيخ عثمان ذِكر في ترجمة الشّيخ الفقيه. وكان عديم النّظير في زمانه – رحمة الله عليه – وفيه خيرٌ وعِبادة، وله أوراد، وتُوُفّي في سادس شعبان من العام.
٢٨ - عليّ بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد، القاضي أبو الحسن بن قَطْرالّ الأنصاري، الأندلسيّ، القُرْطُبيّ.
ذكره الأبّار فقال: سمع أبا عبد الله بن حفص، وأبا القاسم ابن الشراط، وأبا العباس بن مضاء – وناظر على ابن مضاء في أصول الفقه – وأبا القاسم بن رشد وغيرهم، وأخذ قراءة نافع وعِلْم العربيّة عن أبي جعفر بن يحيى الخطيب، وسمع بغَرْناطة: أبا خالد بن رفاعة، وأبا الحسن بن كوثر، وسمع بالمنكّب: عبد الحقّ بن بُونه، وبمالقَة: أبا عبد الله ابن الفخار، وبسَبْتَة: أبا محمد بن عبيد الله. وأجاز له: أبو عبد الله بن زرقون، وأبو بكر ابن الجدّ، وجماعة. وولي قضاء أُبَّدَة فأسره العدوّ بها إذ تغلّبوا عليها سنة تسع وستمائة، ثمّ تخلص. ووُلّي قضاء شاطبة مدّة، ثمّ وُلّي قضاء شريش، ثمّ قضاء قُرْطُبِة. ثمّ أعيد إلى قضاء شاطبة وخطابتها. ثمّ نزح عنها في آخر سنة ستٍّ وثلاثين وستمائة لتغلُّب العدوّ في صدر هذا العام على بَلَنْسِيَة، ووُلّي قضاء سَبْتَةَ ثمّ قضاء فاس. وكان من رجال الكمال، عِلماً وعملاً، يشارك في عدّة فنون، ويتميَّز بالبلاغة، أُخذتْ عنه بشاطبة جُملة من روايته، وُلد سنة ثلاث وستّين وخمسمائة، وتُوُفّي بمرّاكُش في ربيع الأوّل بعد ولايته قضاء أَغْمات.