للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي الحسن بن أحمد البصري قال: رأيت الخطيب في المنام، وعليه ثياب بيض حسان، وعمامة بيضاء، وهو فرحان يبتسم، فلا أدري قلت: ما فعل الله بك؟ أو هو بدأني فقال: غفر الله لي أو رحمني، وكل من يجيء - فوقع لي أنه يعني بالتوحيد - إليه يرحمه أو يغفر له، فأبشروا، وذلك بعد وفاته بأيام.

وقال أبو الخطاب بن الجراح يرثيه:

فاق الخطيب الورى صدقا ومعرفة … وأعجز الناس في تصنيفه الكتبا

حمى الشريعة من غاو يدنسها … بوضعه ونفى التدليس والكذبا

جلا محاسن بغداد فأودعها … تاريخه مخلصا لله محتسبا

وقال في الناس بالقسطاس منحرفا … عن الهوى وأزال الشك والريبا

سقى ثراك أبا بكر على ظمأ … جون ركام تسح الواكف السربا

ونلت فوزا ورضوانا ومغفرة … إذا تحقق وعد الله واقتربا

يا أحمد بن علي طبت مضطجعا … وباء شانيك بالأوزار محتقبا

وقال أبو الحسين ابن الطيوري: أنشدنا أبو بكر الخطيب لنفسه:

تغيب الخلق عن عيني سوى قمر … حسبي من الخلق طرا ذلك القمر

محله في فؤادي قد تملكه … وحاز روحي فما لي عنه مصطبر

والشمس أقرب منه في تناولها … وغاية الحظ منه للورى النظر

وددت تقبيله يوما مخالسة … فصار من خاطري في خده أثر

وكم حليم رآه ظنه ملكا … وردد الفكر فيه أنه بشر

وقال غيث الأرمنازي: أنشدنا أبو بكر الخطيب لنفسه:

إن كنت تبغي الرشاد محضا … لأمر دنياك والمعاد

فخالف النفس في هواها … إن الهوى جامع الفساد

وقال أبو القاسم النسيب: أنشدنا أبو بكر الخطيب لنفسه:

لا تغبطن أخا الدنيا لزخرفها … ولا للذة وقت عجلت فرحا

فالدهر أسرع شيء في تقلبه … وفعله بين للخلق قد وضحا

كم شارب عسلا فيه منيته … وكم تقلد سيفا من به ذبحا