ابن حماد بن أبي حنيفة، ثم عزل المخزومي المذكور عن القضاء، ووليه بشر بن الوليد الكندي.
وفيها حج بالناس صالح بن هارون الرشيد.
ومن سنة تسع ومائتين
فيها توفي الحسن بن موسى الأشيب، وحفص بن عبد الله النيسابوري، وأبو علي الحنفي، وعثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وعثمان بن عمر بن فارس، ويعلى بن عبيد الطنافسي.
وفيها كان المأمون يقرب أهل الكلام، ويأمرهم بالمناظرة بحضرته، وينصر ما دل عليه العقل. ويجالسه بشر بن غياث المريسي، وثمامة بن أشرس، وهؤلاء الجنوس النحوس.
وكان قد طال القتال بين عبد الله بن طاهر، ونصر بن شبث العقيلي. ثم إن عبد الله استظهر عليه وحصره في حصن له، وضيق عليه حتى طلب الأمان. فقال المأمون لثمامة بن أشرس: ألا تدلني على رجل من أهل الجزيرة له عقل وبيان يؤدي عني رسالة إلى نصر بن شبث. فقال: بلى يا أمير المؤمنين: جعفر بن محمد من بني عامر. قال جعفر: فأحضرني ثمامة، فكلمني المأمون بكلام كثير لأبلغه نصرا. قال: فأتيته وهو بسروج فأبلغته فأذعن، وشرط أن لا يطأ له بساطا. فأتيت المأمون فأخبرته. فقال: لا أجيبه والله حتى يطأ بساطي. وما باله ينفر مني؟ قلت: لجرمه. قال: أتراه أعظم جرما عندي من الفضل بن الربيع، ومن عيسى بن أبي خالد؟ أتدري ما صنع بي الفضل؟ أخذ قوادي وأموالي وجنودي فذهب بذلك إلى أخي وتركني وحيدا، وأفسد علي أخي حتى جرى ما جرى، وعيسى طرد خليفتي عن بغداد، وذهب بخراجي وفيئي، وأقعد إبراهيم في الخلافة. قلت: الفضل وعيسى لهم سوابق ولسلفهم وهم مواليكم. وهذا رجل لم يكن له يد قط فيحتمل عليها ولا لسلفه. إنما كانوا جند بني أمية. قال: إن ذلك كما تقول فكيف بالحنق والغيظ؟ فأتيت نصرا فأخبرته بأنه لا بد أن يطأ بساطه. فصاح بالخيل صيحة فجالت وقال: ويلي عليه! هو لم يقو على أربعمائة ضفدع تحت جناحه - يعني الزط - يقوى على جلبة العرب!.