وكان يلبس في الشتاء فروا بلا قميص، وفي الصيف شقتين بأربعة دراهم، يتزر بواحدة، ويرتدي بأخرى، ويصوم في السفر والحضر، ولا ينام الليل، وكان يتفكر، فإذا فرغ من الحصاد أرسل بعض أصحابه يحاسب صاحب الزرع، ويجيء بالدراهم فلا يمسها بيده.
قال ابن بكار: كان إبراهيم يقول لأصحابه: اذهبوا فكلوا بها - يعني أجرته - شهواتكم، وإذا لم يحصد أجر نفسه في حفظ البساتين والمزارع. وكان يطحن بيد واحدة مدين من قمح.
وقال أبو يوسف الغسولي: دعا الأوزاعي إبراهيم بن أدهم، فقصر في الأكل، فقال: لم قصرت؟ قال: رأيتك قصرت في الطعام.
بشر الحافي: حدثنا يحيى بن يمان قال: كان سفيان إذا قعد مع إبراهيم بن أدهم تحرز من الكلام.
عبد الرحمن بن مهدي، عن طالوت: سمعت إبراهيم بن أدهم قال: ما صدق الله عبد أحب الشهرة (١).
محمد بن عقيل البلخي: سمعت عبد الصمد بن الفضل يقول: سمعت مكي بن إبراهيم يقول: قيل لإبراهيم بن أدهم: ما يبلغ من كرامة المؤمن على الله؟ قال: أن يقول للجبل تحرك فيتحرك، قال: فتحرك الجبل، فقال: ما إياك عنيت.
عصام بن رواد: سمعت عيسى بن حازم النيسابوري يقول: كنا مع إبراهيم بن أدهم بمكة، فنظر إلى أبي قبيس، فقال: لو أن مؤمنا مستكمل الإيمان هز الجبل لزال، فتحرك أبو قبيس، فقال إبراهيم: اسكن، ليس إياك أردت.
يحيى بن عثمان الحمصي: حدثنا بقية قال: كنا مع إبراهيم بن أدهم في البحر، وهبت ريح وهاجت الأمواج، واضطربت السفينة، وبكى الناس،
(١) قال المصنف في السير (٧/ ٣٩٣) معلقًا: "علامة المخلص الذي قد يحب شهرة ولا يشعر بها، أنه إذا عوتب في ذلك لا يحرد ولا يبرئ نفسه، بل يعترف ويقول: رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي، ولا يكن معجبًا بنفسه لا يشعر بعيوبها، بل لا يشعر أنه لا يشعر، فإن هذا داء فزمن".