للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريقة المشهورة عن أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح له الأمر فيها على جلالته في العلم ومعرفته بمعاني الأخبار والآثار (١)، سمعت منه مسند الشافعي بِفَوْت ورقتين، وكتاب النصيحة لابن شاهين.

وقال غير واحد عن عز الدين ابن عبد السلام، شيخ الشافعية: إنه سُئل: أيّما كان أعلم فخر الدين ابن عساكر، أم الشيخ الموفق؟ فغضب، وقال: والله موفق الدين كان أعلم بمذهب الشافعي من ابن عساكر، فضلاً عن مذهبه.

قال أبو شامة (٢): ومن أظرف ما يُحكى عن الموفق أنه كان يجعل في عمامته ورقة مصرورة فيها رمل يُرمّل به الفتاوى والإجازات، فخُطِفت عِمامته ليلاً، فقال لخاطفها: يا أخي خذ من العِمامة الورقة بما فيها، ورُدّ العِمامة، أغطّي رأسي، وأنت في أوسع الحِلّ، فظن الخاطف أنها فضّة، ورآها ثقيلة فأخذها، ورمى العِمامة له، وكانت (٣) صغيرة عتيقة.

قال (٤): وكان الموفق بعد موت أخيه هو الذي يؤمّ بالجامع المظفّري ويخطب، فإن لم يحضر فعبد الله ابن أخيه يؤمّ ويخطب، ويصلي الموفق بمحراب الحنابلة إذا كان في البلد، وإلا صلى الشيخ العماد، ثم كان بعد موت الشيخ العماد يصلي فيه أبو سليمان ابن الحافظ عبد الغني، وكان الموفَّق إذا فرغ من صلاة العشاء الآخرة يمضي إلى بيته بالرصيف، ويمضي معه من فقراء الحلقة مَنْ قدّره الله، فيقدّم لهم ما تيسّر، يأكلونه معه.

وقال الضياء: سمعت أختاي، زينب وآسية تقولان: لما جاء خالنا الموت هلّلنا، فهلّل، وجعل يستعجل في التهليل، حتى توفي، .

قال: وسمعت الإمام أبا محمد إسماعيل بن حمّاد الكاتب يقول: رأيت ليلة عيد الفطر كأني عند المقصورة، فرأيت كأن مصحف عثمان قد عُرِّج به، وأنا قد لحِقني من ذلك غمٌّ شديد، وكأن الناس لا يكترثون لذلك، فلما كان


(١) عَلَّق المؤلف في سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٧٢ على رأي أبي شامة هذا بقوله: "وهو وأمثاله متعجب منكم مع علمكم وذكائكم كيف قلتم! وكذا كل فرقة تتعجب من الأخرى، ولا عجب في ذلك، ونرجو لكل من بذل جهده في تطلب الحق أن يُغْفَر له من هذه الأمة المرحومة". وأبو شامة أشعري العقيدة أجمعين.
(٢) ذيل الروضتين ١٤٠.
(٣) في الأصل: "وكان" سبق قلم من المؤلف.
(٤) أبو شامة في ذيل الروضتين ١٤٠.