قال: وفيها تكامل بناء المدرسة المستنصرية ببغداد، ونقل إليها الكتب وهي مائة وستون حملا، وعدة فقهائها مائتان وثمانية وأربعون فقيها من المذاهب الأربعة، وأربعةٌ مدرسون، وشيخ حديث، وشيخ نحو، وشيخ طب، وشيخ فرائض.
فرتب شيخ الحديث أبو الحسن ابن القطيعي.
ورتب فيها الخبز والطبيخ والحلاوة والفاكهة.
فأنبأني محفوظ ابن البزوري، قال: تكامل بناء المستنصرية وجاءت في غاية الحسن ونهايته، وخلع على أستاذ الدار العزيزة متولي عمارتها؛ وعلى أخيه علم الدين أبي جعفر ابن العلقمي، وعلى حاجبه، وعلى المعمار، وعلى مقدم الصناع.
ونقل إلى خزانة الكتب كثيرٌ من الكتب النفيسة، فبلغني أنه حمل إليها ما نقله مائة وستون حمالا سوى ما نقل إليها فيما بعد، وأوقفت، وجعل الشيخ عبد العزيز شيخ الصوفية برباط الحريم وخازن كتب دار الخلافة، هو وولده ضياء الدين أحمد ينظران في ترتيبها، فرتبا الكتب أحسن ترتيب.
وفي بعض الأيام اتفق حضور أمير المؤمنين عندهما لينظر، فسلم عليه عبد العزيز وتلا قوله تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} فخشع المستنصر بالله أمير المؤمنين، ورد عليه السلام، وكلمه، وجبر قلبه.
وشرط لكل مدرسٍ أربعة معيدين، واثنان وستون فقيها، وأن يكون بالدار المتصلة بالمدرسة ثلاثون يتيما يتلقنون.
قلت: رأيت نسخة كتاب وقفها في خمسة كراريس، والوقف عليها عدة رباع وحوانيت ببغداد، وعدة قرى كبار وصغار ما قيمته تسعمائة ألف دينار فيما يخال إلي، ولا أعلم وقفا في الدنيا يقارب وقفها أصلا سوى أوقاف جامع