للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو ترك التعمق والاستدلالات بأقسام أجسام السماوات والأرضين على وجود الرب ثم ترك التعمق، ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل، فأقرأ في التنزيه قوله: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾، وقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ و ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، وأقرأ في الإثبات: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، و ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾، و ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾، وأقرأ في أن الكل من الله قوله: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾، وفي تنزيهه عن ما لا ينبغي: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ وعلى هذا القانون فقس. وأقول من صميم القلب من داخل الروح: إني مقر بأن كل ما هو الأكمل الأفضل الأعظم الأجل، فهو لك، وكل ما فيه عيب ونقص، فأنت منزه عنه. وأقول: إن عقلي وفهمي قاصر عن الوصول إلى كنه صفة ذرة من مخلوقاتك.

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح: حدثني القطب الطوغاني مرتين أنه سمع الفخر الرازي يقول: ليتني لم أشتغل بالكلام، وبكى.

وقيل: إن الفخر الرازي وعظ مرة عند السلطان شهاب الدين فقال: يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى، ولا تلبيس الرازي يبقى ﴿وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ﴾ فأبكى السلطان. وقد ذكرنا في سنة خمس وتسعين الفتنة التي جرت له مع مجد الدين عبد المجيد ابن القدوة بهراة.

من (١) كلام فخر الدين: إن كنت ترحم فقيرًا، فأنا ذاك، وإن كنت ترى معيوبًا، فأنا ذاك المعيوب، وإن كنت تخلص غريقًا، فأنا الغريق في بحر الذنوب. وإن كنت أنت أنت، فأنا أنا ليس غير النقص والحرمان والذل والهوان.


= القراءة للغاية، لذلك تصحفت الكثير منها على النساخ في النسخ الأخرى. وقد اجتهدنا في قراءته على وجه الصواب.
(١) وردت هذه الفقرة في حاشية الورقة (٤١) في أثناء الكلام على وصية الفخر، وليس لها مكان هناك فقدمناها قليلًا لتتلاءم مع السياق وهي بخط المؤلف.