الثاني، فعطشوا واستسلموا، فوضع فيهم السيف، فلم يفلت منهم إلا اليسير، وأخذ الحريم والأموال.
فندب المكتفي لقتاله وصيف بن صوارتكين ومعه الجيوش، فكتب إلى بني شيبان أن يوافوه، فجاؤوا في ألفين ومائتي فارس، فلقيه وصيف يوم السبت رابع ربيع الأول، فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، وأصبحوا على القتال، فنصر الله تعالى وصيفاً، وقتل عامة أصحاب زكرويه، الرجال والنساء، وخلصوا النساء والأموال وخلص بعض الجند إلى زكرويه فضربه، وهو مول، على قفاه، ثم أسروه، وأسروا خليفته وخواصه وأقرباءه، وابنه، وكاتبه، وامرأته. وعاش زكرويه خمسة أيام، ومات من الضربة. فشقوا بطنه، وحمل إلى بغداد، فقتل الأسارى وأحرقوا.
وقيل: إن الذي جرح زكرويه وصيف نفسه. وتمزق أصحابه في البرية، وهلكوا عطشاً.
[سنة خمس وتسعين ومائتين]
توفي فيها: أبو الحسين النوري شيخ الصوفية أحمد بن محمد، وإبراهيم بن أبي طالب الحافظ، وإبراهيم بن معقل قاضي نسف، والحسن بن علي المعمري، والحكم بن معبد الخزاعي، وأبو شعيب الحراني، والمكتفي بالله ابن المتعضد، وأبو جعفر محمد بن أحمد الترمذي الفقيه.
وفيها كان الفداء بين المسلمين والروم. فكان عدة من فودي ثلاثة آلاف نفس.
وبعث المكتفي لحرب يوسف بن أبي الساج خاقان المفلحي في أربعة آلاف مقاتل.
ومات المكتفي بالله في ذي القعدة، فبويع أخوه جعفر المقتدر وهو صبي، وأمه رومية، وقيل: تركية، أخوها غريب المعروف بغريب الخال. أدركت خلافته، وسميت السيدة.
ولد جعفر في رمضان سنة اثنتين وثمانين، وكان معتدل القامة جميلاً، أبيض بحمرة، مدور الوجه، مليحاً. ولما اشتدت علة المكتفي سأل عنه، فصح عنده أنه بالغ، فأحضر في يوم الجمعة لإحدى عشرةٍ من