للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ادعوا لي الصبيان بلسان ثقيل. فجعلوا ينضمون إليه، وجعل يشمهم ويمسح بيده على رؤوسهم وعينه تدمع. وأدخلت الطست تحته، فرأيت بوله دما عبيطا ليس فيه بول، فقلت للطبيب فقال: هذا رجل قد فتت الحزن والغم جوفه. واشتدت علته يوم الخميس ووضأته فقال: خلل الأصابع. فلما كانت ليلة الجمعة، ثقل، وقبض صدر النهار، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حتى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع.

وقال أبو بكر الخلال: أخبرني عصمة بن عصام قال: حدثنا حنبل قال: أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله وهو في الحبس ثلاث شعرات فقال: هذه من شعر النبي ، فأوصى عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه. ففعل به ذلك عند موته.

وقال حنبل: توفي يوم الجمعة في ربيع الأول.

وقال مطين: مات في ثاني عشر ربيع الأول.

وكذلك قال عبد الله بن أحمد، وعباس الدوري.

وقال البخاري: مرض أحمد بن حنبل لليلتين خلتا من ربيع الأول، ومات يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول (١).

قلت: غلط ابن قانع، وغيره، فقالوا في ربيع الآخر، فليعرف ذلك.

وقال الخلال: حدثنا المروذي قال: أخرجت الجنازة بعد منصرف الناس من الجمعة.

قلت: وقد روى الإمام أحمد في مسنده (٢)، حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي قال: ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر. .

وقال صالح: وجه ابن طاهر، يعني نائب بغداد بحاجبه مظفر، ومعه غلامين معهما مناديل، فيها ثياب وطيب فقالوا: الأمير يقرئك السلام ويقول:


(١) هذا لا يصح فإن الثاني عشر إما كان يوم أربعاء أو خميس، وربما رُكز على ذلك ليتوافق مع وفاة الرسول .
(٢) أحمد ٢/ ١٦٩. وأخرجه أيضًا الترمذي (١٠٧٤)، والطحاويَ في شرح المشكل (٢٧٧)، والمزي في تهذيب الكمال ٩/ ١١٦ من طريق أبي عامر، به. وقال الترمذي: "غريب".