سميت الفاروق؟ فقال: أسلم حمزة قبلي بثلاثة أيام، فخرجت إلى المسجد، فأسرع أبو جهل إلى النبي ﷺ يسبه، فأخبر حمزة، فأخذ قوسه وجاء إلى المسجد، إلى حلقة قريش التي فيها أبو جهل، فاتكأ على قوسه مقابل أبي جهل، فنظر إليه، فعرف أبو جهل الشر في وجهه، فقال: ما لك يا أبا عمارة؟ فرفع القوس فضرب بها أخدعيه (١)، فقطعه فسالت الدماء، فأصلحت ذلك قريش مخافة الشر، قال: ورسول الله ﷺ مختف في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، فانطلق حمزة فأسلم، وخرجت بعده بثلاثة أيام، فإذا فلان المخزومي فقلت: أرغبت عن دين آبائك واتبعت دين محمد؟ قال: إن فعلت فقد فعله من هو أعظم عليك حقا مني، قلت: ومن هو؟ قال: أختك وختنك، فانطلقت فوجدت همهمة، فدخلت فقلت: ما هذا؟ فما زال الكلام بيننا حتى أخذت برأس ختني فضربته وأدميته، فقامت إلي أختي فأخذت برأسه وقالت: قد كان ذلك على رغم أنفك، فاستحييت حين رأيت الدماء، فجلست وقلت: أروني هذا الكتاب، فقالت: إنه لا يمسه إلا المطهرون، فقمت فاغتسلت، فأخرجوا إلي صحيفة فيها:(بسم الله الرحمن الرحيم) قلت: أسماء طيبة طاهرة. (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) إلى قوله: (له الأسماء الحسنى)، فتعظمت في صدري، وقلت: من هذا فرت قريش، فأسلمت، وقلت: أين رسول الله ﷺ؟ قالت: فإنه في دار الأرقم، فأتيت فضربت الباب، فاستجمع القوم، فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر، قال: وعمر! افتحوا له الباب، فإن أقبل قبلنا منه، وإن أدبر قتلناه، فسمع ذلك رسول الله ﷺ، فخرج فتشهد عمر، فكبر أهل الدار تكبيرة سمعها أهل المسجد، قلت: يا رسول الله، ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قلت: ففيم الاختفاء؟ فخرجنا صفين أنا في أحدهما وحمزة في الآخر، حتى دخلنا المسجد، فنظرت قريش إلي وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة شديدة، فسماني رسول الله ﷺ الفاروق يومئذ، وفرق بين الحق والباطل.
وقال الواقدي: حدثنا محمد بن عبد الله، عن الزهري، عن ابن