هولاكو، ومنهم من أشار بغير ذلك وتفرّقت الآراء، فاقتضى رأيه هو الملتقى، وسار من فوره فالتقوا يوم الجمعة، فانكسرت ميسرة المسلمين كسرةً شنيعة، فحمل الملك المظفَّر في التّتار، وحمل معه خَلْقٌ فكان النّصر. قُتِل كَتْبُغا ومُعظم أعيان التّتار، وقتِل منهم مقتلة عظيمة، وهرب من هرب. وقيل: إنّ الذي قتل كَتْبُغا الأمير آقُش الشمسي، وولّت التَّتر الأدبار، وطمع النّاس فيهم يتخطّفونهم وينهبونهم. وعند الفراغ من المَصَافّ حضر الملك السّعيد بن عثمان ابن العادل صاحب الصُّبَيْبة إلى بين يدي السّلطان فلم يقبله وضرب عنقه. وجاء كتاب المظفَّر بالنَّصر، فطار الناس فرحًا، وثار بعضهم بالفخر الكَنْجيّ فقتلوه بالجامع، لكونه خالَطَ الشّمس القُميّ، ودخل معه في أخذ أموال الجُفال، وقُتل الشّمس ابن الماكسِينيّ، وابن البُغَيْل، وغيرهم من الأعوان. وكان المسلمون يجرعون الثّكل على النَّصارى لعنهم الله من أوّل أمس، لرفعهم الصَّليب وغير ذلك، فأسرعوا إلى دُورهم ينهبونها ويخرّبونها، وأخربوا في كنيسة اليعاقبة، وأحرقوا كنيستهم الكبرى، كنيسة مريم، حتّى بقيت كوْمًا، وبقيت النّار تعمل في أخشابها أيَّامًا. وقُتل منهم جماعة، واختفى سائرُهم. ونُهب قليل من اليهود، ثمّ كفّوا عنهم لأنهم لم يصدُرْ منهم ما صدر من النّصارى. وعيَّد المسلمون على خير عظيم، ولله الحمد.
ودخل السلطان الملك المظفّر القلعة مؤيدًا منصورًا، وأحبّه الخلْق غاية المحبَّة. وعبر قبله البُنْدُقْداري على دمشق، وساق وراء التّتر إلى بلاد حلب، وطردهم عن البلاد. ووعده السّلطان بحلب، ثمّ رجع عن ذلك فتأثّر رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ من ذلك. وكان ذلك مبدأ الوحشة. وسيّر الملك الأشرف ابن صاحب حمص يطلب من السّلطان أمانًا على نفسه وبلاده، وكان قد هرب مع التّتار من دمشق، ثمّ انملَسَ منهم وقصد قلعة تدْمر، فأمّنه وأعطاه بلاده، فحضر إلى الخدمة، ثمّ توجَّه إلى حمص وتوجَّه صاحب حماة إلى حماة. واستعمل السّلطان على حلب علاء الدّين ابن صاحب الموصل. واستعمل على دمشق الأمير علم الدين سنجر الحلبي والأمير مجير الدين ابن حبرون ورتب أمور الشام وشنق حسينًا الكرديّ طبردار الملك الناصر الذي خدعه وأوقعه في أسْر التّتار، وعزل عن خطابة دمشق ابن الحَرَسْتانيّ، ووليها أصيل الدّين الإسْعرديّ إمام السّلطان قُطُز، وقُرئ تقليده، ثمّ عُزِل بعد شهر وأعيد