للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخطب، وفضّل دين النَّصارى وصغّر من دين الإسلام، ثم عطفوا من خلْف السّوق إلى الكنيسة التي أخربها الله.

قلت: قيل: إنهم كانوا ينادون: ظهر الدّين الصّحيح دين المسيح. وذلك في الثاني والعشرين من رمضان.

فصعد المسلمون مع القُضاة والعُلماء إلى إيل سبان (١) بالقلعة في ذلك، فأهانوهم، ورفعوا قِسيس النصارى عليهم، وأخرجوهم من القلعة بالضَّرْب والإهانة. ثم نزل إيل سبان من الغد إلى الكنيسة.

وأقبل الملك المظفَّر بالجيوش حتّى أتى الأُرْدُن. وسار كَتْبُغا بالمغول، فنزل على عين جالوت من أرض بيسان. وكان شاليش المسلمين رُكن الدّين بيْبَرس البُنْدُقْداريّ، فحين طلع من التّل أشرف على التّتار نازلين، ووقعت العين في العين، وكان بينه وبين السّلطان مرحلة. فجهّز البريدية في طلب السّلطان وقلق وقال: إنْ ولّينا كسرْنا الإسلام. فجعلوا يقهقرون رؤوس خيلهم حتى نزلوا عن التل إلى خلف. وضربت التّتار حلقةً على التّلّ وتحيزّ البُنْدُقْداري بعسكره فلم تمض ساعةٌ حتّى جاءته خمسمائة ملْبسة من أبطال الإسلام، ثمّ بعد ساعة أخرى لحِقَتها خمسمائة أخرى. وأمّا التّتار فاشتغلوا أيضًا بأخذ أُهْبَتهم للمصافّ. وتلاحق الجيشُ ثم وقع المَصافّ.

قال أبو شامة (٢): لمّا كان ليلة سبْع وعشرين من رمضان جاءنا الخبرُ بأنّ عسكر المسلمين وقع على عسكر التّتار يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشّهر عند عين جالوت، وهزموهم وقتلوا فيهم، وقتلوا ملكهم كتْبُغا، وأُسر ابْنُه، فانهزم من دمشق النّائب إيل سبان ومنْ عنده من التّتار، فتبَعَهُم أهلُ الضّياع يتخطّفونهم.

وقال الشيخ قطب الدّين (٣): خرج الملك المظفَّر بجيش مصر والشّام إلى لقاء التَّتر، وكان كَتْبُغا بالبقاع، فبلغه الخبر، فطلب الملك الأشرف، يعني الّذي استنابه هولاكو على الشام والقاضي محيي الدّين، واستشارهم، فمنهم من أشار بعدم الملتَقَى، وبأن يندفع بين يدي المظفَّر إلى أن يجيئه المَدَد من


(١) هكذا بخط المصنف، وكتبه قبل قليل: "إيسبان".
(٢) ذيل الروضتين ٢٠٧.
(٣) ذيل مرآة الزمان ١/ ٣٦٠ - ٣٦٣.