وكان عبد الملك بعث إلى ابن خازم مع سورة النميري: أن لك خراسان سبع سنين على أن تبايعني، فقال للرسول: لولا أن أضرب بين بني سليم وبني عامر لقتلتك، ولكن كل هذه الصحيفة، فأكلها.
وفيها سار الحجاج إلى حرب ابن الزبير، فأول قتال كان بينهما في ذي القعدة، ودام الحصار أشهرا.
[سنة ثلاث وسبعين]
فيها توفي عبد الله بن عمر، وعوف بن مالك الأشجعي، وعبد الله بن الزبير، وأمه أسماء بنت الصديق، وأبو سعيد بن المعلى الأنصاري، وربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي، وعمرو بن عثمان بن عفان، وعبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي، وعبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي، وعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، قتلوا ثلاثتهم مع ابن الزبير.
وفيها توفي: مالك بن مسمع الربعي، وأوس بن ضمعج بخلف فيه.
وفيها حاصر الحجاج مكة وبها ابن الزبير قد حصنها، ونصب الحجاج عليها المنجنيق. فروى عبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، قال: حدثنا القاسم بن معن، عن هشام بن عروة، عن أبيه بحديث طويل منه: وقاتل حصين بن نمير ابنَ الزبير أياما، وأحرق فسطاطا له نصبه عند البيت، فطار الشرر إلى البيت، واحترق فيه يومئذ قرنا الكبش الذي فدي به إسحاق، إلى أن قال في الحديث: فخطب عبد الملك بن مروان وقال: من لابن الزبير؟ فقال الحجاج: أنا يا أمير المؤمنين، فأسكته، ثم أعاد قوله، فقال: أنا، فعقد له على جيش إلى مكة، فنصب المنجنيق على أبي قبيس، يرمي به على ابن الزبير وعلى من معه في المسجد، وجعل ابن الزبير على الحجر الأسود بيضة يعني خوذة ترد عنه، فقيل لابن الزبير: ألا تكلمهم في الصلح، فقال: أوحين صلح هذا، والله لو وجدوكم في جوف الكعبة لذبحوكم جميعا، ثم قال: ولست بمبتاع الحياة بسبة ولا مرتق من خشية الموت سلما أنافس سهما إنه غير بارح ملاقي المنايا أي صرف تيمما.