وفيها ثارت الإسماعيلية، واجتمعوا سبعة آلاف مقاتل من بين فارس وراجل، وقصدوا خراسان ليملكوها عندما ينزل بها من الغُزّ، فتجمّع لهم أمراء من جند خراسان، ووقع المصافّ، فهزم الله الإسماعيلية، وقتل رؤوسهم وأعيانهم، ولم ينج منهم إلا الأقل، وخلَت قلاعهم من الحُماة، ولولا أن عسكر خراسان كانوا مشغولين بالغز لملكوا حصونهم، واستأصلوا شأفتهم.
وفي أولها قدِم شيركوه رسولًا من نور الدين، فنزل بظاهر دمشق في ألف فارس، فوقع الاستيحاش منه، ولم يخرجوا لتلقّيه، وترددت المراسلات، ولم يتفق حال، ثم أقبل نور الدين في جيوشه، فنزل ببيت الآبار وزحف على البلد، فوقعت مناوشة، ثم زحف يومًا آخر، فلما كان في عاشر صفر باكَر الزّحف، وتهيأ لصدق الحرب، وبرز إليه عسكر البلد، ووقع الطِّراد، وحملوا من الجهة الشرقية من عدة أماكن، فاندفعوا بين أيديهم، حتى قربوا من سور باب كيسان والدباغة، وليس على السور آدمي، لسوء تدبير صاحب دمشق، غير نفرٍ يسير من الأتراك لا يعوَّل عليهم، فتسرّع بعض الرجالة إلى السور، وعليه يهودية، فأرسلت إليه حبلًا، فصعد فيه، وحصل على السور، ولم يدرِ به أحد، وتبعه من تبعه، ونصبوا علمًا وصاحوا: نور الدين يا منصور، فامتنع الجند والرعية من الممانعة محبة في نور الدين، وبادر بعض قطّاعي الخشب بفأسه، فكسر قفل الباب الشرقي، فدخل العسكر، وفتح باب توما، ودخل الجند، ثم دخل نور الدين، وسُرَّ الخلق، ولما أحس مجير الدين بالغلبة، انهزم إلى القلعة، وطلب الأمان على نفسه وماله، ثم خرج إلى نور الدين، فطيّب قلبه، وتسرّع الغوغاء إلى سوق علي وغيره، فنهبوا، فنودي في البلد بالأمان، وأخرج مجير الدين ذخائره وأمواله من القلعة إلى الأتابكية دار جدّه، ثم تقدّم إليه بعد أيام بالمسير إلى حمص في خواصّه، وكتب له المنشور بها.
وقد كان مجاهد الدين بُزان قد أُطلق يوم الفتح من الاعتقال، وأُعيد إلى داره.
ووصل الرئيس مؤيَّد الدين المسيّب ابن الصوفي إلى دمشق متمرضًا، فمات ودُفن في داره، وفرح الناس بهلاكه.
[سنة خمسين وخمسمائة]
في أولها جاءت الأخبار إلى بغداد بدخول الغز التركمان نيسابور، والفتك بأهلها، فقتلوا بها نحوًا من ثلاثين ألفًا، وكان سنجر معهم، عليه اسم