إن قعدت على الأرض أربعين يومًا؛ فما قعدت.
وقال بعضهم عن النوري قال: من رأيته يدعي مع الله حالة تخرج عن الشرع، فلا تقتربن منه.
قال ابن الأعرابي في ترجمة النوري: فسألنا أبو الحسين عن نصر بن رجاء، وعثمان، وكانا صديقين له، إلا أن نصرًا تنكر له، فقال: ما أخاف ببغداد إلا من نصر فعرفناه أنه بخلاف ما فارقه، فجاء معنا إلى نصر.
فلما دخل مسجده قام نصر، وما أبقى في إكرامه غاية، وبتنا عنده، ولما كان يوم الجمعة ركبنا مع نصر زورقًا من زوارقه إلى باب خراسان، ثم صرنا إلى الجنيد، فقام القوم وفرحوا، وأقبل عليه الجنيد يذاكره ويمازحه، فسأله ابن مسروق مسألة، فقال: عليكم بأبي القاسم. فقال الجنيد: أجب يا أبا الحسين فإن القوم أحبوا أن يسمعوا جوابك. فقال: أنا قادم، وأنا أحب أن أسمع.
فتكلم الجنيد والجماعة والنوري ساكت، فعرضوا له ليتكلم، فقال: قد لقبتم ألقابًا لا أعرفها، وكلامًا غير ما أعهد، فدعوني حتى أسمع وأقف على مقصودكم.
فسألوه عن الفرق الذي بعد الجمع ما علامته؟ وما الفرق بينه وبين الفرق الأول؟ لا أدري سألوه بهذا اللفظ أو بمعناه، وكنت قد لقيته بالرقة سنة سبعين، فسألني عن الجنيد، فقلت: إنهم يشيرون إلى شيء يسمونه الفرق الثاني والصحو.
قال: اذكر لي شيئًا منه. فذكرته فضحك وقال: ما يقول ابن الخلنجي؟ قلت: ما يجالسهم.
قال: فأبو أحمد القلانسي؟ قلت: مرة يخالفهم، ومرة يوافقهم.
قال: فما تقول أنت؟ قلت: ما عسى أن أقول أنا.
ثم قلت: أحسب أن هذا الذي يسمونه فرقًا ثانيًا هو عين من عيون الجمع، يتوهمون به أنهم قد خرجوا عن الجمع.
فقال: هو كذلك. أنت إنما سمعت هذا من أبي أحمد القلانسي.
فقلت: لا.
فلما قدمت بغداد، حدثت أبا أحمد بذلك، فأعجبه قول النوري. وأما أبو أحمد فكان ربما يقول: هو صحو وخروج عن الجمع. وربما قال: بل هو شيء من الجمع.
ثم إن النوري لما شاهدهم قال: ليس هو عين من عيون الجمع، ولا صحو من الجمع. ولكنهم رجعوا إلى ما يعرفون.
ثم بعد ذلك