ويروى أن أبا المجنون قيده فجعل يأكل لحم ذراعيه ويضرب بنفسه، فأطلقه، فكان يدور في الفلاة عريانا.
وله: كأن القلب ليلة قيل يغدى بليلى العامرية أو يراح قطاة غرها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح وقيل: إن ليلى زوجت، فجاء المجنون إلى زوجها، فقال: بربك هل ضممت إليك ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاها وهل رفت عليك قرون ليلى رفيف الأقحوانة في نداها.
فقال: اللهم، إذ حلفتني فنعم. وكان بين يدي الزوج نار يصطلي بها، فقبض المجنون بكلتي يديه من الجمر، فلم يزل حتى سقط مغشي عليه.
وكانت له داية يأنس بها، فكانت تحمل إليه إلى الصحراء رغيفا وكوزا، فربما أكل وربما تركه، حتى جاءته يوما فوجدته ملقى بين الأحجار ميتا، فاحتملوه إلى الحي فغسلوه فدفنوه، وكثر بكاء النساء والشباب عليه، واشتد نشيجهم.
قال ابن الجوزي في المنتظم: روينا أنه كان يهيم في البرية مع الوحش يأكل من بقل الأرض، وطال شعره، وألفته الوحش، وساح حتى بلغ حدود الشام، فكان إذا ثاب إليه عقله، سأل من يمر من أحياء العرب عن نجد، فيقال له: أين أنت من نجد، أنت قد شارفت الشام، فيقول: أروني الطريق، فيدلونه.
وشعر المجنون كثير سائر، وهو في الطبقة العليا في الحسن والرقة، وكان معاصراُ لقيس بن ذريح صاحب لبنى، وكان في إمرة ابن الزبير، والله أعلم.
٨٩ - ن: كثير بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري، أحد كتاب المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار.
روى عن عثمان، وأبي بن كعب.
روى عنه محمد بن سيرين، وقال النسائي: روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه؛ فإن كثيرا أصيب يوم الحرة،