رجونا أن يعافى. فخرج به أبوه حتى أتى مكة، فجعل يطوف به ويدعو الله له، وهو يقول: دعا المحرمون الله يستغفرونه لمكة وهنا أن يحط ذنوبها فناديت أن يا رب أول سؤلتي لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها فإن أعط ليلى في حياتي لا يتب إلى الله خلق توبة لا أتوبها حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام: يا ليلى، فخر مغشيا عليه، واجتمع الناس حوله، ونضحوا على وجهه الماء، وأبوه يبكي، فأفاق وهو يقول: وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى فهيج أطراب الفؤاد وما يدري دعا باسم ليلى غيرها فكأنما أطار بليلى طائرا كان في صدري.
ونقل ابن الأعرابي قال: لما شبب المجنون بليلى وشهر بحبها اجتمع أهلها ومنعوه منها ومن زيارتها، وتوعدوه بالقتل، وكان يأتي امرأة تتعرف له خبرها، فنهوا تلك المرأة.
وكان يأتي غفلات الحي في الليل، فسار أبو ليلى في نفر من قومه، فشكوا إلى مروان ما ينالهم من قيس بن الملوح، وسألوه الكتاب إلى عامله عليهم يمنعه عنهم ويتهدده، فإن لم ينته أهدر دمه. فلما ورد الكتاب على عامل مروان، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته، فجمعهم وقرأ عليهم الكتاب، وقال لقيس: اتق الله في نفسك! فانصرف وهو يقول: ألا حجبت ليلى وآلى أميرها علي يمينا جاهدا لا أزورها وأوعدني فيها رجال أبوهم أبي وأبوها خشنت لي صدورها على غير شيء غير أني أحبها وأن فؤادي عند ليلى أسيرها فلما يئس منها صار شبيها بالتائه، وأحب الخلوة وحديث النفس، وجزعت هي أيضا لفراقه وضنيت.