إلى جماعةٍ من الأئمّة إلى كلّ واحدٍ ألف دينار أو خمسمائة أو أكثر، وربمّا يبلغ مبلغ ذلك عشرة آلاف دينار، ويقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب، ففرِّقوا على من تعرفون استحقاقه. ويقول: كلّ من أعطيتموه شيئًا، فاكتبوا له خطّا، وأرسلوه حتّى نعطيه من عشر الغلَّة. وكان يملك قريبًا من أربعين قرية خالصة بنواحي كش، وله في كلّ قرية وكيل أوفى من رئيسٍ بسمرقند.
قلت: هذا فرط في المبالغة من السّمعانيّ.
ثمّ قال: سمعت أبا المعالي محمد بن نصر الخطيب يقول ذلك، وكان من أصحاب الشّريف. وسمعت أبا المعالي يقول: إنّ الشّريف عمل بستانًا عظيمًا، فطلب ملك سمرقند وما وراء النهّر الخضر خاقان أن يحضر البستان، فقال الشّريف السّيّد لحاجب الملك: لا سبيل إلى ذلك، فألحّ عليه، فقال: لكن لا أحضر، ولا أهيئ آلة الفسق والفساد لكم، ولا أفعل ما يعاقبني الله عليه في الآخرة. فغضب الملك، وأراد أن يمسكه، فاختفى عند وكيل له نحو شهرين، ونودي عليه في البلد، فلم يظفروا به. ثم أظهروا النَّدم على ما فعلوا، فألحّ عليه أهله حتّى ظهر، وجلس على ما كان مدّة. ثمّ إنّ الملك نفَّذ إليه يطلبه ليشاوره في أمر، فلّما استقرَّ عنده أخذه وسجنه، وأخذ جميع ما يملكه من الأموال والجواهر والضّياع، فصبر وحمد الله، وقال: من يكون من أهل بيت رسول الله ﷺ، لا بدّ وأن يبتلى، وأنا ربِّيت في النّعمة، وكنت أخاف لا يكون وقع خلل في نسبي، فلّما وقع هذا فرحت، وعلمت أنّ نسبي متّصل!
قال لنا أبو المعالي: فسمعنا أنّهم منعوه من الطّعام حتّى مات جوعًا. ثمّ أخرج من القلعة ودفن. وهو من ولد زين العابدين عليّ بن الحسين ﵁.
قال السّمعانيّ: قال أبو العبّاس الجوهريّ: رأيت السّيّد المرتضى أبا المعالي بعد موته وهو في الجنّة، وبين يديه مائدة من طعام، وقيل له: ألا تأكل؟ قال: لا حتّى يجيء ابني، فإنّه غدًا يجيء. فلما انتبهت، وذلك في رمضان سنة اثنتين وتسعين، قتل ابنه أبو الرّضا في ذلك اليوم.
ولد السّيّد المرتضى ﵁ في سنة خمسٍ وأربعمائة، واستشهد بعد سنة ستٍّ وسبعين، وقيل: سنة ثمانين، قتله الخاقان خضر بن إبراهيم صاحب ما وراء النَّهر.
وقد قدم رسولًا من سلطان ما وراء النّهر إلى الخليفة القائم بأمر الله في سنة ثلاثٍ وخمسين.