لسعد الدين شاهنشاه ابن الملك المظفر عمر ولد يقال له سليمان، قد تفقر وحمل الركوة، وحج بين الفقراء، ثم إنه كاتب والدة الملك الناصر ابن سيف الإسلام، وكانت قد تغلبت على زَبِيد، وهي تنتظر وصول أحد من آل أيوب تتزوجه وتملّكه، وبعثت إلى مكة تكشف أخبار الملوك، فكتب إليها غلامها، وعرّفها بسليمان هذا، فاستحضرته وخلعت عليه، وتزوجته، ومَلكته اليمن، فملأها ظلمًا وجوراً، واطرح الملكة، وأعرض عنها، وكتب إلى السلطان الملك العادل كتابًا أوله:{إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فاستقل العادل عقله، وفكر فيمن يبعثه ليملك اليمن.
[سنة تسع وتسعين وخمسمائة]
أنبأنا ابن البُزُوري قال: في سلخ المحرم ماجت النجوم، وتطايرت كتطاير الجراد، ودام ذلك إلى الفجر، وانزعج الخلق، وخافوا وضجوا بالدعاء إلى الله تعالى، ولم يعهد ذلك إلا عند ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها جمع الملك العادل عسكرًا عديداً، وفرّق عليهم العُدد والأموال، وقدم عليهم ولده الأشرف موسى، وأمره أن يحاصر ماردين، فقطع صاحب ماردين الميرة عن عسكر العادل، وأمر أهل القلاع أن يقطعوا السُّبُل والميرة، والتقى طائفة من هؤلاء بطائفة من هؤلاء، فاقتتلوا وانهزم عسكر ماردين بعد أن قطعوا الطّرق وتعذّر سلوكها، وسار جماعة من عسكر العادل إلى رأس عين، وبقي الملك الأشرف فلم ينل غرضه، ودخل الملك الظاهر صاحب حلب في الصلح، فأجاب العادل على أن يحمل إليه صاحب ماردين مائة وخمسين ألف دينار، وأن يخطب له في بلاده، وأن يضرب السكة باسمه، ويكون عسكر ماردين في خدمته، فأجاب صاحب ماردين إلى ذلك.
وذكر سبط ابن الجوزي مثل ما قدمنا من موج النجوم وتطايرها.
وقال العزّ النّسّابة: رُئيَ في السماء نجوم متكاثفة متطايرة، شديدة الاضطراب إلى غاية.