للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمد" (١) ونحوها، إلا أنه غَيَّرَ هذه الطريقة حينما وصل إلى مطلع القرن الثالث الهجري حيث أخذ يستعمل السنوات التقريبية في الطبقة نحو قوله: "الطبقة الذين بقوا بعد الثلاث مئة وإلى حدود العشرين والثلاث مئة" (٢) و"طبقة من الثلاثين وإلى ما بعد الخمسين وخمس مئة" (٣) وهلم جرًّا. ويتبين من دراسة هذه الوحدات الزمنية التي ذكرها أن الطبقة قد تكون في حدود عشرين سنة (٤) أو خمس وعشرين (٥) أو ثلاثين سنة (٦). وبذلك يتحدد مفهوم "الطبقة" عند الذهبي في جميع الكتب المذكورة باللقيا بين المشايخ، والتعاصر بين مجموعة من الناس.

ولكن الذهبي جعل الطبقة عشر سنوات في "تاريخ الإسلام" فتألف كتابه من سبعين طبقة، فهل يعني هذا أنه وضع تحديدًا زمنيا واضحًا للطبقة مخالفًا طريقته في كتبه الأخرى؟ علمًا أن عمله هذا لم يسبقه فيه أحد فيما نعلم. وقد دفع عمله هذا الباحثين المعنيين بعلم التاريخ إلى القول بأنه خالف الأقدمينَ الذين اعتبروا اللقيا أساسَ التقسيم على الطبقات، بل خالف نهجه هو في "تذكرة الحفاظ" الذي اعتبر فيه اللقيا ولم يعتبر الوفيات. (٧)

على أننا لا نعتقد أن الذهبي خالف الأقدمين في مفهوم الطبقة فقد استعملها بالمفهوم نفسه في جميع كتبه الأخرى كما بينا قبل قليل، بينما استعمل "الطبقة" في "تاريخ الإسلام" لتدل على "العقد" وهو مفهومٌ يختلف عن المفهوم الذي أراده في كتبه الأخرى والذي جارى فيه الأقدمين. ومن ثم فإننا نعتقد أن ربط الشكل الذي اتبعه الذهبي في "تاريخ الإسلام" بأدبِ الطبقات أمرٌ يحتاج إلى إعادة نظر، بل يجب أن يربط، فيما نرى، بأدبِ التنظيم على السنين الذي يخضع لتعاقُبِ السنين المفردة، فَتُذكرُ مختلفُ الحوادث والوفيات في كلِّ سنةٍ منفصلة عن الأخرى. وآيات هذا الذي نقوله


(١) الورقة ١٤.
(٢) الورقة ١٩.
(٣) الورقة ٣٢.
(٤) الورقة ٢١، ٣٢.
(٥) الورقة ٢٢، ٢٤.
(٦) الورقة ٢٠، ٢١.
(٧) انظر: روزنتال: علم التاريخ، ص ١٢١، العمري: بحوث، ص ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>