للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأغلب (١). وقد رتب الذهبي كثيرًا من كتبة الرئيسة على الطبقات، بالرغم مما في هذا النظام من بعض العيوب (٢). لكن مفهوم الطبقة عند الذهبي يختلف من كتاب إلى آخر، حيث نجد أنه رتب كتابه "تذكرة الحفاظ" الذي تناول فيه كبارَ حُفَّاظ الحديثِ من الصحابة حتى عصره، على إحدى وعشرين طبقة استنادًا إلى اللقيا بين المشايخ، وهو بذلك لم يدخل سِني الوفيات باعتباره، حيث نجدها متداخلة بين طبقة وأخرى، وقد علل الذهبيُّ ذلك بقوله في ترجمة أبي الأحوص سلام بن سليم: "مات سنة تسع وسبعين ومئة مع مالك وحماد وإنما أخَّرته لأنه أصغر منهما قليلًا، ولابد في كل طبقة من مجاذبة الطبقتين وإلا فلو بُولغ في تقسيم الطبقات لجاءت كل طبقة ثلاث طبقات وأكثر" (٣). أما كتابه الآخر "معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار" (٤) فقد جعله في سبع عشرة طبقة فقط حسب اللقيا في القراءة مع أنه تناول الفترة الزمنية نفسها التي تناولها كتابه "تذكرة الحفاظ" ومع أنه جعل الصحابة طبقتين. بينما رتب كتابه الثالث "سير أعلام النبلاء" على أربعين طبقة، علمًا أن الفترة الزمنية التي تناولها هي نفسها التي تناولها في كتابيه السابقين (٥).

ومن هذا الذي قدمنا يتضح لنا أن الذهبي لم يراع الوحدة الزمنية الثابتة في جميع هذه الكتب. أما كتابه "المُعين في طبقات المحدثين" فقد جعل الطبقات الأولى فيه تتخذ أسماء المشهورين فيها نحو قوله: "طبقة الزهري وقتادة" (٦) و"طبقة الأعمش وأبي حنيفة" (٧) و"طبقة ابن المديني


(١) راجع عن مفهوم الطبقة عند المؤلفين السابقين، الدكتور أكرم العمري: مقدمة كتاب الطبقات لخليفة بن خياط، ص ٤٥ فما بعد، وبحثنا: مظاهر تأثير علم الحديث في علم التاريخ. (مجلة الأقلام، العدد الخاص من السنة الأولى، بغداد ١٩٦٥).
(٢) لعل من أهم عيوبه الرئيسة هو عدم اتباع المصنفين تقسيمًا واحدًا حيث يتباين عدد الطبقات بين مصنف وآخر، فلم يعد بالإمكان أن نكتفي بالقول أن فلانًا الفلاني في الطبقة الفلانية لأنه قد يكون في الطبقة السادسة عند مؤلف بينما هو في الطبقة الثامنة عند مؤلف آخر (انظر التفاصيل عند العمري: بحوث ص ١٨٦).
(٣) الذهبي: تذكرة، ج ١ ص ٢٥٠.
(٤) حققناه بالمشاركة سنة ١٩٨٤ في مجلدين. ونشرته مؤسسة الرسالة ببيروت.
(٥) تنظر مقدمتي لسير أعلام النبلاء ١/ ١٠٠.
(٦) الورقة ٧ من نسختي المصورة.
(٧) الورقة ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>