فالمواساة؟ قال: قد لبستها برهة. قلت: فتعريني وتبدو عورتي؟ قال: قد روينا عن مالك أنه قال: لا بأس للرجل أن يغتسل عريانا. قلت: يلقاني الناس فيرون عورتي. قال: لو كان أحد يلقاك في هذه الطريق ما عرضت لك. قلت: أراك ظريفا، فدعني حتى أمضي إلى حائطي فأبعث بها إليك. قال: كلا، أردت أن توجه عبيدك فيمسكوني. قلت: أحلف لك. قال: لا، روينا عن مالك قال: لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص. قلت: فأحلف أني لا أحتال في يميني. قال: هذه يمين مركبة. قلت: دع المناظرة، فوالله لأوجهن بها إليك طيبة بها نفسي. فأطرق ثم قال: تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى وقتنا، فلم أجد لصا أخذ بنسيئة، وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعة يكون علي وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، اخلع ثيابك. فخلعتها، فأخذها وانصرف.
وقال حرب الكرماني: سألت أحمد بن حنبل: أيكون من أهل السنة من قال: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق. قال: لا، ولا كرامة. وقد بلغني عن ابن معذل الذي يقول بهذا القول أنه فتن به ناس من أهل البصرة كثير.
وقال أبو قلابة الرقاشي: قال لي أحمد بن حنبل: ما فعل ابن معذل؟ قلت: هو على نحو ما بلغك. فقال: أما إنه لا يفلح.
وقال نصر بن علي: قال الأصمعي ومر به أحمد بن معذل فقال: لا تنتهي أو تفتق في الإسلام فتقا.
قلت: قد كان ابن المعذل من بحور العلم، لكنه لم يطلب الحديث، ودخل في الكلام، ولهذا توقف في مسألة القرآن - رحمه الله -.
٢٦ - أحمد بن نصر بن مالك بن الهيثم بن عوف بن وهب، أبو عبد الله الخزاعي المروزي البغدادي الشهيد.
كان جده مالك بن الهيثم أحد نقباء بني العباس في ابتداء الدولة السفاحية. وهو من ذرية عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف، وإليه جماع خزاعة، ويقال لهم: بنو كعب. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار؛ لأنه أول من بحر البحيرة، وسيب السائبة، وغير دين إسماعيل
وكان أحمد بن نصر شيخا جليلا، أمارا بالمعروف، قوالا بالحق، من أولاد الأمراء.