للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المذكوران على دمشق فوصلوا إلى باب الفراديس وأحرقوا فندق تقي الدين، وحاربهم الملك المعظّم، وحفظ البلد، وبقوا نحو شهرين، ثم بعث العادل فأوقع الخُلْف بين الأخوين فرحلوا، ثم قدم العادل، وجهّز المعظّم مع شركس، وقراجا، فحاصروا حسام الدين بشارة ببانياس، فقاتلهم وقُتِل ولده، وأخرجوه عن البلد، وتسلمها شركس وتسلم قراجا صرخد.

قلت: ذكر المؤيد (١) أن الملك الأفضل سلم صرخد إلى زين الدين قراجا، ونقل أمه وأهله منها إلى حمص.

واشتد حصار الأخوين لدمشق، وتعلق النقابون بسورها، فلما شاهد الظاهر ذلك قال لأخيه: دمشق لي، فقال: حُرمي على الأرض ليس لنا موضع، فهب البلد لك فاجعله لي حتى تملك مصر فامتنع الظاهر فقال الأفضل: يا أمراء اتركوا القتال ونُصالح عمي فتفرقت الكلمة، وترحل الظاهر، ثم ذهب الأفضل وقنع بسميساط.

وأنبأنا ابن البزوري قال: وفيها سار غياث الدين وشهاب الدين ملكا الغور من غزنة في جنودهما إلى خراسان، وبها الأمير جقر، فأكرماه واستوليا على مرو، وسيرا جقر إلى هراة مكرمًا، لأنهما وعداه بالجميل، ثم سلما مرو إلى هندوخان بن ملكشاه بن علاء الدين خوارزم شاه، وكان قد هرب من عمه محمد إلى غياث الدين، ثم سار غياث الدين فملك سرخس صلحًا، وسلمها إلى الأمير زنكي بن مسعود أحد أولاد عمه، ثم سار إلى طوس، فتسلمها بعد أيام بالأمان، ثم قصد نيسابور وبها علي شاه ابن السلطان خوارزم شاه، وقد استنابه عليها أخوه قطب الدين محمد، فراسله في تسليمها، فامتنع وأظهر القوة، فقال غياث الدين لجيوشه: إن دخلتموها فسحت لكم في نهبها، فزحفوا وجدوا حتى أخذوا البلد، ووقعوا في النهب، ثم أمر غياث الدين بكف النهب، وأن يرد كل شخص ما نهب، فردوه جميعًا، أخبرت عن بعض التجار قال: كنت بها، فنهب لي شيء في جملته قليل سكر وبساط فحين نودي في العسكر برد ما نهبوه عدا بساطي والسكر، وكنت رأيت ما أخذ مني في أيدي جماعة، فطلبته فقالوا: السكر شربناه، ونسألك أن لا تشيع ذلك، وإن أردت


(١) المختصر في أخبار البشر ٣/ ٩٩.