قال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: لما قتل عثمان - رضي الله عنه -، كتبت نائلة زوجته إلى الشام إلى معاوية كتابا تصف فيه كيف دخل على عثمان - رضي الله عنه - وقتل، وبعثت إليه بقميصه بالدماء، فقرأ معاوية الكتاب على أهل الشام، وطيف بالقميص في أجناد الشام، وحرضهم على الطلب بدمه، فبايعوا معاوية على الطلب بدمه.
ولما بويع علي بالخلافة قال له ابنه الحسن وابن عباس: اكتب إلى معاوية فأقره على الشام، وأطمعه فإنه سيطمع ويكفيك نفسه وناحيته، فإذا بايع لك الناس أقررته أو عزلته، قال: فإنه لا يرضى حتى أعطيه عهد الله - تعالى - وميثاقه أن لا أعزله. قالا: لا تعطه ذلك. وبلغ ذلك معاوية. فقال: والله لا ألي له شيئا ولا أبايعه، وأظهر بالشام أن الزبير بن العوام قادم عليهم، وأنه مبايع له، فلما بلغه أمر الجمل أمسك، فلما بلغه قتل الزبير ترحم عليه، وقال: لو قدم علينا لبايعناه وكان أهلا.
فلما انصرف علي من البصرة، أرسل جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية، فكلم معاوية، وعظم أمر علي ومبايعته واجتماع الناس عليه، فأبى أن يبايعه، وجرى بينه وبين جرير كلام كثير، فانصرف جرير إلى علي فأخبره، فأجمع على المسير إلى الشام، وبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه، منها أن يدفع إليه قتلة عثمان، فأبى علي، وجرت بينهما رسائل.
ثم سار كل منهما يريد الآخر، فالتقوا بصفين لسبع بقين من المحرم، وشبت الحرب بينهم في أول صفر، فاقتتلوا أياما.
فحدثني ابن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: استعملني عثمان على الحج، فأقمت للناس الحج، ثم قدمت وقد قتل وبويع لعلي، فقال: سر إلى الشام فقد وليتكها.