وفي شوال خرج الركب الشامي وأميرهم عماد الدين يوسف ابن الشقاري، وحج الشيخ شمس الدين شيخ الجبل وطائفة من الحنابلة، وحج أبي وخالي، وحدثني أبي أنهم رأوا الملك السعيد يسير بظاهر الكرك في أواخر شوال.
قلت: ثم مات في منتصف ذي القعدة أو في عاشره، وعمل عزاؤه بمصر؛ وحضر السلطان وهو لابس البياض.
وفي الرابع والعشرين من ذي الحجة ركب نائب السلطنة شمس الدين سنقر الأشقر الصالحي بعد العصر من دار السعادة وبين يديه جماعة من الأمراء والجند ودخل البلد، فأتى باب القلعة فهجمها راكبا، ودخل وجلس على تخت الملك، وحلفوا له، وتلقب بالملك الكامل. ودقت البشائر بعد ساعة، ونودي في البلد بسلطنته، وكان محببا إلى الناس، وحلف له القضاة والأكابر، وقبض على الوزير تقي الدين البيع، وكان له في الوزارة شهرا ونصفا، واستوزر مجد الدين ابن كسيرات. ولم يحلف له الأمير ركن الدين الجالق، فقبض عليه وحبسه. وقبض على نائب القلعة حسام الدين لاجين المنصوري الذي تسلطن. وولى في المدينة علم الدين سلطان.
وأما الكرك فرتب في السلطنة بها الملك خضر بعد أخيه، وسار طائفة إلى الشوبك فتسلموها بالأمان بعد محاصرة أيام. وكان الذين بها قد عصوا على الملك المنصور لما نزح عنها الملك خضر ابن الملك الظاهر إلى عند أخيه الملك السعيد. ثم أخربت أسوار الشوبك وأذهبت حصانة قلعتها.
[سنة تسع وسبعين وستمائة]
في مستهلها ركب السلطان سنقر الأشقر من القلعة بأبهة الملك، ودخل الميدان وبين يديه الأمراء بالخلع، وسير لحظة، وعاد إلى القلعة، وجهز عسكرا، فنزلوا عند غزة، وكان عسكر المصريين بغزة، فأظهروا الهرب، ثم كروا على الشاميين، فكبسوهم ونالوا منهم، وهزموهم إلى الرملة.
وفي خامس المحرم وصل أمير العرب عيسى بن مهنا، ودخل في طاعة الملك الكامل سنقر الأشقر، فبالغ في إكرامه، وأجلسه على السماط إلى