فلما تبدَّت كربلاء وتبيَّنت … قِبابٌ بها السِّبْط الشّهيد المكرَّمُ
ولذتُ به مستشفعاً مُتحرماً … كما يفعل المستشفعُ المتحرِّمُ
فأصبح لي دون البرية شافعًا … إلى مَن به مُعوجُّ أمري مُقوّم
أنخْتُ ركابي حيث أيقنت أنني … بباب أميرِ المؤمنين مُخيّمُ
بحيث الأماني للأمان قسيمةٌ … وحيثُ العطايا بالعواطفِ تقسَّمُ
منها:
عليك أمير المؤمنين تهجُّمي … بنفسٍ على الجوْزاء لا تتهجَّمُ
تلوم أنْ تغشى الملوك لحاجةٍ … ولكنها بي عنكَ لا تتلوَّمُ
فصُنْ ماءَ وجهي عن سِواك فإنّه … مَصُونٌ يصوناه الحياءُ والتكرُّمُ
ألست بعبدٍ حُزْتني عن وراثةٍ … له عندكم عهدٌ تقادَمَ مُحكمُ
ومثلي يُخب للفُتُوق ورِتقها … إذا هز خطي، وجُرَّدَ مِخْذّمُ
فلا زلت للآمال تبقى مسلّماً … وتنتابك الأملاك وهي تُسلّمُ
فحجّ وأتى المدينة وقام بين يدي الحجرة منشداً قصيدة بديعة يقول فيها:
إليك انتطينا اليعملات رواسمًا … يجُبْنَ الفلا ما بين رضْوى ويذبُلِ
إلى خير من أطْرَتْهُ بالمدح ألسنٌ … فصدَقها نصُّ الكتاب المُنَزَّلِ
إليك - رسول الله - قمتُ مُجمجماً … وقد كل عن نقل البلاغةِ مِقولي
وأدهشني نورٌ تألقَ مشرقًا … يلوحُ على سامي ضريحكَ من علِ
ثَنَتني عن مدحي لمجدك هيبة … يراع لها قلبي ويرعد مفصلي
وعِلمي بأن الله أعطاك مِدحة … مفصّلُها فِي مُجملاتِ المُفصّلٍ
ثم أحضر شيخ الحرم والخدّام، ووقف بين يدي الضّريح متمسكاً بسجف الحُجْرة، وقال: اشهدوا أن هذا مقامي مِنْ رَسُول اللَّه ﷺ قد دخلتُ عليه متشفعاً به إلى ابن عمه أمير المؤمنين فِي رد وديعتي. فأعظم الناس هذا وبكوا، وكُتب بصورة ما جرى إلى الخليفة.
ولما كان الرَّكب فِي الطريق خرج عليهم أَحْمَد بن حجي بن بُريد من آل مُرِّي يريد نهب الرَّكْب، فوقع القتال وكادوا يظفرون بأمير الحاجّ، فجاء