حمد بن نصر الحافظ الأعمش. شيخ أديب فاضل، جميل الطّريقة، له سمتٌ، ووقار، وصلاح، وتودّد، مكثر من الحديث. سمع من جدّه، وعبدوس بن عبد الله بن عبدوس، والحسن بن ياسين، وجماعة كبيرة بإفادة جدّه. وقرأ الأدب على أبي المظفّر الأبيورديّ. سمعت من لفظه كتاب سنن التّحديث لصالح بن أحمد الهمذانيّ، وجزء الذُهليّ.
قلت: حدّث عنه يوسف بن أحمد الشّيرازيّ في الأربعين البلدانية له، وأبو المواهب بن صصرى، ومحمد بن محمد ابن الكرابيسيّ الهمذاني، وصالح بن المعزم، وأحمد بن آدم الكرابيسي، وآخرون. وكان أسند من بقي ببلده. وكان شيخًا صالحًا، أديبًا، فاضلًا، انفرد بالرواية عن جماعة.
قال أبو المواهب: سألته عن مولده فقال: سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفّي في آخر سنة ثلاث وسبعين بهمذان.
٨٩ - محمّد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم عليّ ابن المسلمة، أبو الفرج، وزير العراق.
سمع من ابن الحصين، وعبيد الله بن محمد ابن البيهقيّ، وزاهر الشّحّاميّ. روى عنه حافده داود بن عليّ. وكان أوّلًا أستاذ دار المقتفيّ، والمستنجد، ووَزر للمستضيء. وكان فيه مروءة وإكرام للعلماء. ولد سنة أربع عشرة وخمسمائة، وكان يلقّب عضد الدين. وكان سريًّا، مهيبًا، جوادًا.
قال الموفّق عبد اللطيف: كان إذا وزن الذّهب يرمي تحت الحصر قراضةً كثيرة قدر خمسة دنانير، فأخذت منها يومًا، فنهرني أبي وقال: هذه يرميها الوزير برسم الفرّاشين. وكان يسير في داره، فلا يرى واحدًا منّا معشر الصّبيان إلاّ وضع في يده دينارًا، وكذا كان يفعل ولداه كمال الدين، وعماد الدين، إلاّ أنّ دينارهما أخفّ. وكان والدي ملازمه على قراءة القرآن والحديث. استوزره الإمام المستضيء أوّل ما ولي، واستفحل أمره. وكان المستضيء كريمًا رؤوفًا، واسع المعروف، هيّنًا، ليّنًا. وكانت زوجته بنفشه كثيرة الصّدقات والمروءة. وكان الوزير ذا انصباب إلى أهل العلم والصّوفيّة، يسبغ عليهم النعمة، ويشتغل هو وأولاده بالحديث والفقه والأدب. وكان الناس معهم في