للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمته الحمادون، يحمدون الله في كل سراء، ويكبرون الله على كل نجدٍ، يوضّئون أطرافهم، ويأتزرون في أوساطهم، يصفّون في صلاتهم كما يصفّون في قتالهم، دويّهم في مساجدهم كدويّ النّحل، يسمع مناديهم في جوّ السّماء. قلت: يعني الأذان.

وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدّثني محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن أمّ الدّرداء قالت: قلت لكعب الحبر: كيف تجدون صفة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في التّوراة. فذكر نحو حديث عطاء.

[قصة سلمان الفارسي]

قال ابن إسحاق: حدّثني عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن ابن عبّاس. قال: حدّثني سلمان الفارسيّ قال: كنت رجلا من أهل فارس من أهل أصبهان، من قرية يقال لها جيّ، وكان أبي دهقان أرضه، وكان يحبّني حبّا شديدا، لم يحبّه شيئا من ماله ولا ولده، فما زال به حبّه إيّاي حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسيّة حتّى كنت قطن النّار التي يوقدها، فلا أتركها تخبو ساعة، فكنت لذلك لا أعلم من أمر النّاس شيئا إلاّ ما أنا فيه، حتّى بنى أبي بنيانا له، وكانت له ضيعة فيها بعض العمل، فدعاني فقال: أي بنيّ، إنّه قد شغلني ما ترى من بنياني عن ضيعتي هذه، ولا بدّ لي من اطلاعها، فانطلق إليها فمرهم بكذا وكذا، ولا تحتبس عليّ فإنّك إن احتبست عنّي شغلني ذلك عن كل شيء، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة للنّصارى، فسمعت أصواتهم فقلت: ما هذا؟ قالوا: النّصارى، فدخلت فأعجبني حالهم، فوالله ما زلت جالسا عندهم حتى غربت الشمس.

وبعثّ أبي في طلبي في كلّ وجه حتّى جئته حين أمسيت، ولم أذهب إلى ضيعته فقال: أين كنت؟ قلت: مررت بالنصّارى، فأعجبني صلاتهم ودعاؤهم، فجلست أنظر كيف يفعلون. قال: أي بنيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>