كانوا أئمة عِلْمٍ يُستَضاء بهم … لَهْفي عَلَى فقدهم لو يَنفع اللَّهْفُ
ما ودّعوني غداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا … بل أوْدَعوا قلبي للأحزانِ وانصرفوا
شيَّعتهم ودُموعُ العينِ واكِفَةٌ … لِبَيْنهم وفؤادي حَشْوه أسَفُ
أُكفكف الدَّمعَ من عيني فيغْلِبُني … وأحْصُرُ الصَّبر في قلبي فلا يقفُ
وَقُلْتُ: رُدّوا سلامي أوقِفوا نَفَسًا … رِفقًا بقلبي فمَا ردّوا ولا وَقَفوا
ولم يَعُوجوا عَلَى صبٍّ بهم دَنِفٌ … يَخْشى عَلَيْهِ لِما قد مسَّه التلَف
أحْبابَ قلبي ما هَذَا بعادَتِكم … ما كنتُ أعهدُ هَذَا منك يا شَرَف (١)
بل كُنت تُعظِم تبْجيلي ومنزلتي … وكُنتُ تُكرِمُني فوقَ الَّذِي أصِفُ
وكنتَ عَوْنًا لنا في كُلِّ نازلةٍ … تَظَلّ أحشاؤُنا من همِّها تجفُ
وكنتَ ترعى حقوقَ النَّاس كلِّهم … من كنت تَعرفُ أَوْ مَن لست تَعترفُ
وَكَانَ جودُك مَبْذولًا لِطالبه … جُنْحَ اللَّيالي إِذَا ما أظلم السّدَفُ
ولِلْغَريبِ الَّذِي قد مسَّه سَغَبٌ … وللمريض الَّذِي أشفى بِهِ الدَّنْفُ
وكنتَ عَونًا لمسكينٍ وأرملةٍ … وطالبٍ حاجةً قد جاءَ يَلتهف
وقَالَ الصلاح مُوسَى بْن مُحَمَّد بْن خَلَف:
عَزّ العزاءُ وبانَ الصبرُ والجَلَد … لما نَأتْ دارُ من تَهوى وقد بَعُدوا
والعينُ واللَّه هَذَا وقْتُ عَبْرَتها … فإنَّ أحبَابها كانوا وقد فُقدوا
ساروا وما ودَّعوني يَومَ بينهم … يا ليتهم لِغَرامي بعدهم شهدُوا
أبكيهمُ بدّموعٍ قد بَخِلتُ بها … عَلَى سِواهم فقد أودى بي الكَمَدُ
ومنها:
وَأَنْتَ يا شرفٌ للدين ليسَ لنا … مِنْ بعدِك اليومَ لَا جَمعٌ ولا عَدَدُ
قد كُنتَ واسِطة العِقد الَّذِي انتُظمت … بِهِ المعالي إن حلُّوا وإن عَقَدوا
وكنتَ ذا خشيةٍ لله متَّقيًا … تقوم بالليل والنُّوّام قد رَقَدوا
في أبيات أُخر.
وخَلَّفَ من الولد: شرف الدين أَحْمَد، وأبا عَبْد اللَّه مُحَمَّدًا.
(١) يعني: شرف الدين أحمد المترجم هنا.