سنباط، فابتاعوا شاةً من راعٍ فنكرهم وذهب إلى سهل فأخبره. فقال: هذا بابك بلا شك، وكانت قد جاءته كتب الأفشين بأن لا يفوته بابك إن مر به. فركب سهل في أجناده حتى أتى بابك، فترجل لبابك وسلم عليه بالملك وقال: قم إلى قصرك وأنا عبدك. فسار معه، وقدمت الموائد، فقعد سهل يأكل معه، فقال بابك بعتو وجهل: أمثلك يأكل معي؛ فقام سهل واعتذر وغاب، فجاء بحداد ليقيده، فقال بابك: أغدرا يا سهل؟ فقال: يا ابن الخبيثة، إنما أنت راعي بقر، وقيد من كان معه، وكتب إلى الأفشين، فجهز إليه أربعة آلاف فتسلموه، وجاؤوا ومعهم سهل، فخلع عليه الأفشين توجه، وأسقط عنه الخراج، وبعث بطاقة إلى المعتصم بالفتح، فانقلبت بغداد بالتكبير والضجيج، فلله الحمد.
ودخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين
فيها توفي عبد الله بن صالح كاتب الليث، وخالد بن خداش، ومحمد بن سنان العوقي، ومحمد بن كثير العبدي، وموسى بن إسماعيل التبوذكي، ومعاذ بن أسد المروزي.
وفيها قدم الأفشين بغداد في ثالث صفر ببابك الخرمي وأخيه. وكان المعتصم يبعث إلى الأفشين منذ فصل عن برزند كل يوم بفرس وخلعة، كل ذلك من فرحه بأسر بابك.
ومن عناية المعتصم بأمر بابك أنه رتب البريد من سامراء إلى الأفشين بحيث إن الخبر يأتيه في أربعة أيام من مسيرة شهر. فلما قدم ببابك أنزلوه بالمطيرة، فلما كان في جوف الليل أتى أحمد بن أبي دؤاد متنكرا، فنظر إلى بابك وشاهده، ورد إلى المعتصم فأخبره. فلم يصبر المعتصم حتى أتى متنكرا، فتأمله وبابك لا يعرفه.
وكان لعنه الله، ثنويا على دين ماني، ومزدك، يقول بتناسخ الأرواح، ويستحل البنت وأمها. وقيل: كان ولد زنا، وكانت أمه عوراء تعرف برومية العلجة. وكان علي بن مزدكان يزعم أنه زنى بها، وأن بابك منه.
وقيل: كانت فقيرة من قرى أذربيجان، فزنى بها نبطي، فحملت منه بابك، وربي بابك أجيرا في قريته، وكان راعيا، وكان بتلك الجبال قوم من الخرمية ولهم مقدمان: جاوندان وعمران. فتفرس جاوندان في بابك