فتوفي فيها عمر بن حفص بن غياث، وخالد بن نزار الأيلي، وأحمد بن محمد الأزرقي الذي ذكرناه في الطبقة الماضية، وعلي بن عبد الحميد المعني، ومسلم بن إبراهيم، والوليد بن هشام القحذمي.
قال شباب العصفري: فيها كانت وقعة الأفشين بالكافر بابك الخرمي، فهزمه الأفشين واستباح عسكره، وهرب بابك، ثم أسروه بعد فصولٍ طويلة.
وكان من أبطال زمانه وشجعانهم المذكورين. عاث وأفسد وأخاف الإسلام وأهله. وغلب على أذربيجان وغيرها، وأراد أن يقيم ملة المجوس. وظهر في أيامه المازيار القائم بملة المجوس بطبرستان، فعظم شره وبلاؤه.
وكان المعتصم في أول هذه السنة قد بعث نفقات الجيوش إلى الأفشين، فكانت ثلاثين ألف ألف درهم.
وفي رمضان فتحت البذ مدينة بابك، لعنه الله، بعد حصار طويل صعب، وكان بها بابك قد عصى بها بعد أن عمل غير مصاف مع المسلمين، فلما أخذت اختفى في غيضة بالحصن، وأسر أهله وأولاده. ثم جاء كتاب المعتصم بأمانه، فبعث به إليه الأفشين مع رجلين، وكتب معهما: ولد بابك يشير على أبيه بالدخول في الأمان فهو خير فلما دخلا في الغيضة إلى بابك قتل أحدهما، وقال للآخر: اذهب إلى ابن الفاعلة ابني وقل له: لو كنت ابني للحقت بي. ثم خرق كتاب الأمان، وخرج من الغيضة وصعد الجبل في طريقٍ وعرة يعرفها، وكان الأفشين قد أقام الكمناء في المضايق، فأفلت بابك منهم، وصار إلى جبال أرمينية، فالتقاه رجل يقال له: سهل البطريق، فقال له: الطلب وراءك فانزل عندي. فنزل عنده. وبعث سهل إلى الأفشين يخبره. فجاء أصحاب الأفشين فأحاطوا به وأخذوه، وكان المعتصم قد جعل لمن جاء به حيا ألفي ألف درهم، ولمن جاء برأسه ألف ألف درهم، فأعطى سهلا ألفي ألف، وحط عنه خراج عشرين سنة، ثم قتل بابك سنة ثلاث وعشرين.
قال المسعودي: هرب بابك متنكرا بأخيه وأهله وولده ومن تبعه من خاصته، وتزيّوا بزي التجار السفارة، فنزل بأرض أرمينية بعمل سهل بن