للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُوَّرايا، وحكيم من غمارة. فبلغ ذلك أَحْمَد، فقال: " وضرب لنا مثلًا ونسي خلقهُ "، أعجب منهما خليفة من كومية. فقال الخليفة يوسف لمّا بلغه ذلك: أُعاقبه بالحلْم والعفْو عَنْهُ، ففيه تكذيبه.

وللكُوَّرائيّ فِي عَبْد المؤمن:

أبرَّ على الملوك فَمَا يُبارى … همامٌ قد أعاد الحربَ دارا

له الأقدار أنصارٌ، فمهما … أراد الغزوَ يبتدرُ ابتِدارا

يقدّم للعقاب مقدّمات … من الإنذار تمنع الاعتذارا

ومضى في القصيدة.

ومن أخرى فِي يوسف بْن عَبْد المؤمن له:

مِن قَيْس عَيْلانَ الّذين سيوفُهُم … أبدًا تصولُ ظباؤها وتصونُ

وغيوثُ حرْبٍ والنّوالُ سَحَائب … وليوث حربٍ والرماح عرينُ

ضمِنَتْ لهم أسيافُهُم ورِماحُهُم … أنْ يكثر المضروبُ والمطعونُ

قد أصْحَروا للنّازلات فَمَا لهُمْ … إلّا ظهوُر السّابقات حُصونُ

ملكٌ إذا اضطّرب الزمانُ مخافةً … لم يُغنهِ التّسكينُ والتأمينُ

أشْفَى على الدّنيا فَعفَّ، وغيره … بَدلالِها وجمَالِها مفتونُ

عُذْرًا أَبَا يعقوب إنّ عُلاكُم … قد أفنتِ المِدَحات وهي فنونُ

وله يصف الموحّدين:

وَسَادة كأسُودِ الغابِ فَتْكُهُم … قصدٌ إذا اغتال فِي الهيجاء مُغتالُ

تشوقهم للطّعان الخيلُ إنْ صَهَلَتْ … كما يشوقُ العميدّ الصَّبَّ أطلالُ

إن سابَقُوا سَبَقُوا، أو حاربوا غَلَبُوا … أو يمَّموا وصَلوا، أو أملوا نالوا

جادوا، وصالوا، وضاؤوا، واحتبوا، فهم … مزنٌ وأسدٌ، وأقمارٌ، وأجبالُ

قال تاج الدّين: وتُوُفّي فِي أواخر أيّام السّيد يعقوب عن حالةٍ مَرْضية، وإنابةٍ وزهادةٍ، وإقبال على العبادة. وتناهَى به العُمر إِلَى غاية الهَرَم، وهو على جودة الذّهن، وحُسْن الشِّيَم.

قلت: وقيل: إنه توفي سنة تسع وست مائة بإشبيلية. وسأعيده هناك مختصرًا (١).


(١) سيأتي برقم (٤٢٩) من الطبقة الآتية نقلًا من تكملة ابن الأبار.