ولازم أبا عبد الله الصَّيمريّ فلمّا مات، انفرد بالتّدريس، وصار أحد شهود بغداد. ثمّ ولي قضاء القائم بأمر الله، وبعده لابنه ثلاثين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام. وقد شهد عنده شيخ الشّافعية أبو الطّيّب الطَّبريّ، وكان أبو الطّيّب يقول: أبو عبد الله الدّامغاني أعرف بمذهب الشّافعيّ من كثير من أصحابنا.
قال: وكان عندنا بدامغان أبو الحسن صاحب أبي حامد الإسفراييني، يعني فاستفاد منه الدّامغانيّ. وكان أبو عبد الله الدّامغانيّ قد جمع الصّورة البهيّة، والمعاني الحسنة من الدّين والعقل والعلم والحلم، وكرم المعاشرة للنّاس، والتّعصُّب لهم. وكانت له صدقات في السّرِّ، وإنصافٌ في العلم لم يكن لغيره. وكان يورد من المداعبات في مجلسه والحكايات المضحكة في تدريسه نظير ما يورده الشّيخ أبو إسحاق الشّيرازيّ، فإذا اجتمعا صار اجتماعهما نزهة.
عاش ثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيّام، وغسله أبو الوفاء ابن عقيل الواعظ، وصاحبه الفقيه أبو ثابت مسعود بن محمد الرّازيّ، وصلّى عليه ولده قاضي القضاة أبو الحسن على باب داره بنهر القلاّئين.
ولقاضي القضاة أصحاب كثيرون انتشروا بالبلاد، ودرّسوا ببغداد، فمنهم أبو سعد الحسن بن داود بن بابشاذ المصريّ، ومات قبل الأربعين وأربعمائة. ومنهم نور الهدى الحسين بن محمد الزَّينبيّ، ومنهم أبو طاهر إلياس بن ناصر الدَّيلميّ. ومات في حياته. ومنهم أبو القاسم عليّ بن محمد الَّرحبيّ ابن السمنانيّ، وآخرون فيهم كثرة ذكرهم ابن عبد الملك الهمذانيّ.
توفّي في رابع عشري رجب، ودفن في داره بنهر القلاّئين، ثمّ نقل ودفن في القبّة إلى جانب الإمام أبي حنيفة.
٢٦٧ - محمد بن عمر بن محمد بن أبي عقيل، أبو بكر الكرجيّ الواعظ.
ولد بالكرج سنة أربع وأربعمائة، ورحل إلى أصبهان فسمع معجم الطَّبرانيّ، عن شيوخه من ابن ريذة.