للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاءت الأخبار بمجيء محمد شاه، وبإنفاذه إلى عسكر الموصل يستنجد بهم، وإلى مسعود بلال صاحب تكريت يستنجد به، فأخرج الخليفة سُرادقه، واستعرض الجيش، فزادوا على اثني عشر ألف فارس، فجاء الخبر بموت ألبقش، فضعُف محمد شاه وبطَل، فتسحّب جماعة من أمرائه، ولجؤوا إلى الخليفة، وحصل الأمن.

ثم جرّد الخليفة ألفي فارس إلى جهة همذان.

وفيها حدث بنواحي واسط ظهور دم من الأرض، لا يُعلم له بسبب.

وجاءت الأخبار أن السلطان سنجر تحت الأسر وتحت حكمية الغُزّ، وله اسم السلطنة، وراتبه في قدر راتب سائس من سيّاسه، وأنه يبكي على نفسه.

ودخلت الغُزّ مرو وغيرها، فقتلوا خلقًا، ونهبوا، وبدّعوا.

وفيها قُتل بمصر خليفتها الظافر بالله العُبيدي وهو شاب، وأقاموا الفائز صبيًا صغيرًا، ووهى أمر المصريين، فكتب المقتفي لأمر الله عهدًا لنور الدين محمود بن زنكي، وولاه مصر، وأمره بالمسير إليها، وكان مشغولًا بحرب الفرنج، وهو لا يفتر من الجهاد، وما له إلا أيامًا قد تملّك دمشق في صفر، وأخذها من صاحبها مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طُغتكين.

وكانت الفرنج قد ملكوا عسقلان، وطمعوا في دمشق، حتى أنهم استعرضوا من بها من الرقيق، فمن أراد المقام تركوه، ومن أراد العود إلى وطنه أخذوه قهرًا من مالكه، وكان لهم على أهلها كل سنة قطيعة، فتجيء رسلهم ويأخذون من الناس، فراسل نور الدين مالكها مجير الدين واستماله، وواصله بالهدايا، وأظهر له المودة حتى ركن إليه، وكان يرسل إليه أن فلانًا قد بعث إلي وكاتبني في تسلّيم دمشق فاحذره، فكان مجير الدين يقبض على ذلك الرجل، أو يقطع خبره، إلى أن قبض على نائبه عطاء بن حفّاظ وقتله، وكان نور الدين لا يتمكن مع وجود عطاء من أخذ دمشق، ثم كاتب نور الدين من بدمشق من الأحداث، فاستمالهم، ووعدهم، ومنّاهم، فوعدوه بأن يسلموا إليه البلد، فلما وصل نور الدين إلى دمشق بعث مجير الدين يستنجد بالفرنج، فتسلّم نور الدين البلد من قبل أن يقدموا، وذلك أن نور الدين حاصرها، فسلّم إليه أهل البلد من ناحية الباب شرقي، وحصر مجير الدين في القلعة، وبذل له إن سلّم القلعة بلد حمص، فنزل، فلما سار إلى حمص أعطاه عوضها بالِس، فغضب ولم يرضها، وسار إلى بغداد، فبقي بها مدة، وبنى بها دارًا فاخرة بقرب النظامية.