عند جسر باب تُوما، حتى بلغني أنه وجد فوق سطحٍ سمكةٌ ميتة، واصطادوا السمك من رواء العادلية عند دار ابن يغمور، وتحدّثت العوام أن الذين هلكوا بالزيادة والردم فوق الألفين، ووجد في بساتين مرتفعة سمكٌ في النقع إذا رأى الشخص ارتفاع تلك الأماكن زاد تعجبه، وحدثني رجلٌ أن أهل الوادي الشرقي وجدوا جملاً ميتاً فوق أصل سفرجل، وضج الخلق بالبكاء والاستغاثة بالله، وكان يوماً مشهوداً وأشرف الناس على التلف، ثم لطف الله ورحم الناس وتناقص الماء، ولو ثبت ساعةً أخرى أو ارتفع ذراعاً آخر لغرقت نصفُ دمشق.
ولبعضهم:
لقد أظهر الجبّار بعضَ اقتدارِه … فأرسل بحرًا طاميًا من بحارِه
وأهلك فيه خَلْقَه وعبيدَه … فأضحوا وهم غَرَقَى بأقصى قرارِه
فكَمْ مِن شبابٍ مع نساءٍ وصبيةٍ … وكم من دوابّ قد صليْن بنارِه
فسُبْحان من أبدَى عجائبَ صُنْعِه … وأزعج كلَّ الخلقِ عند ابتدارِه
وعاد بلُطْفٍ منه عفْوًا ومنَّةً … فنسأله الزلفى غداً في جواره
وفي شوال قبل يوم الزِّيادة الموص فة جاء الشيخ خضر شيخ السلطان إلى كنيسة اليهود، ومعه أمراء وأعيان والوالي، وأخرجوا اليهود منها يوم سبتهم وآذوهم، وقرأ القرآن بها غير واحدً، ثم غنى المغنّون، ورقص الناس بحضرة الشيخ خضر، وكان يوماً عجيباً، ونهب كل ما فيها، وعمل الشيخ ثاني يوم بسيسةً عظيمة بالسمن والعسل، وازدحم الخلق حتى ديست بالرجلين في الكنيسة، وفضلت ورميت في نهر قلوط. واتخذ الشيخ خضر الكنيسة زاوية له، وكان صاحب كشف وأحوال شيطانية، وجرى ما لا ينبغي، وسيأتي ذكر خضر في سنة ست وسبعين.
وجاء السلطان بالجيش في نصف شوال بعد الزيادة بيومين إلى دمشق، ولطف الله بهم إذ تأخروا عن الزيادة، وإلا كانت غرقت نصف الجيش وأكثر، فعزل السلطان ابن خَلِّكان من القضاء بابن الصائغ، ثم سار بعد عشرة أيام، فنزل على القرين، ونصب عليها المجانيق، وصدق أهلها في القتال، ودام