للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأجوبة إلى ابن رُزيك الذي في أتباع مولانا مائة مثله، مترجمة بمعظم أمره، وملتزم شكره. هذا والصالح يتوقع أن يأخذ ابن عبد المؤمن البلاد من يديه، ما هو أن يهرب مملوكان طريدان منا فيستوليان على أطراف بلاده، ويصل المشار إليه بالأمر من مراكش إلى القيروان، فيلقاهم فيُكسر مرة ويتماسك أخرى وأُعلم نجم الدّين بذلك فأمسك مقدار عشرة أيام. ثم أنفذ نجم الدّين إليه على يد ابن الجليس بأن الهدية أشير عليه بأن لا يستصحبها، وإن استصحبها تكون هدية برسم من حواليه، وأنَّ الكتاب لا يأخذه إلا بتصريح أمير المؤمنين، وأن السّلطان - عزّ نصرُه - رسم بذلك، والملك العادل بأن لا يشير إلا بذلك، وأنه إذا لقي القوم خاطبهم بهذه التحية عن السّلطان من لسانه، فأجابه المملوك بأن الخطاب وحده يكفي، وطريق جحدنا له ممكن، وأن الكتابة حجة تقيد اللسان عن الإنكار، فلا ينبغي. ومتى قُرئت على منبر الغرب جُعلنا خالعين شاقين عصا المسلمين، مطيعين من لا تجوز طاعته ويفتح باب يعجز موارده عن الإصدار، بل تمضي وتكشف الأحوال، فإن رأيت للقوم شوكة، ولنا زبدة، فعدهم بهذه المخاطبة، واجعل كلما نأخذه ثمنًا للوعد بها خاصة فامتنع وقال: أنا أقضي أشغالي، وأتوجه للإسكندرية، وأنتظر جواب السّلطان، وإلى أن أنجز أمر الموكب وأمر الركاب، فسيَّر المملوك النسخة فإن وافقت فيتصدق المولى بترجمة يلصقها على ما كتبه المملوك، ويأمر نجم الدّين بتسلم الكتاب، مع أن ابن الجليس حدثه عنه أنه ممتنع من السفر إلا بالمكاتبة بها. فأمّا الذي يترجم به مولانا فيكون مثل الذي يُدعى به على المنبر لمولانا، وهو الفقير إلى اللَّه تعالى يوسف بن أيوب. وإذا كتب إليهم ابن رزيك من السيد الأجل، الملك الصالح، قُبح أن يكتب إليه مولانا الخادم. وهذا مبلغ رأي المملوك وقد كتبت النسخة، ولم يبق إلا تلك اللفظة، وليست كتابة المملوك لها شرطًا، والمملوك وعقبه مستجيرون بالله، ثم بالسّلطان من تعريضهم لكدر الحياة، ومعاداة من لا يُخفى عنه خبر، ولا تُقال به عثرة. والكتاب الذين يشتغلون بتبييض النسخة موجودون، فينوبون عن المملوك (١).


(١) هذا كله من الروضتين ٢/ ١٧٣ - ١٧٥ كما أشرنا غير مرة، وكذلك الذي بعده.