للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن كتاب له إلى السّلطان: تبرَّم مولانا بكثرة المطالبات، لا أخلاه اللَّه من القدرة عليها، وهنيئًا له. فاللَّه تعالى يطالبه بحفظ دينه، ورسول الله يطالبه بحفظ حسن الخلافة في أمته، والسلف يطالبونه بمباشرة ما لو حضروه لما زادوا على ما يفعله المولى، وأهل الحزب يطالبونه بالذهب والفضة والحديد، والرعية تطالبه بالأمن في سربهم، والاستقامة في كسبهم، والسلامة في سُبُلهم، ونفسه الكريمة تطالبه بالجنة، فهل عدم من اللَّه نصرة؟ أم هل استمرت به عُسرة؟ أم هل تمت عليه لعدوه كرَّة؟ هل بات إلا راجيًا؟ هل أصبح إلا راضيًا؟ إلى أن قال: والمشهور أن ملك الألمان خرج في مائتي ألف، وأنه الآن في دون خمسة آلاف.

قلت: وأنبئت عن العماد الكاتب قال: ووصلت في مراكب ثلاثمائة إفرنجية من ملاحهم الزواني قد سبلن أنفسهن لعسكر الفرنج تغرية لإسعاف الشباب من كل تائقةٍ شائقة، مائقةٍ رائقة، رامقة مارقة، تميس كأنها قضيب، وتزينت وعلى لبها صليب، فتحنَ أبواب الملاذ، وسَبَلنَ ما بين الأفخاذ.

وفيها في المحرم خرجت جيوش بغداد، ومقدمها نجاح الشرابي إلى دقُوقًا لقتال الملك طُغرل، فوجدوه بعد أيام أدخل ولده ابن سبع سنين، يطلب العفو لأبيه، فعفا عنه.

وأنبأنا ابن البُزُوري قال: في ربيع الأول وُلدت امرأة ابنين وبنتين في جوف واحد.

وفي (١) جمادى الآخرة في العشرين منه خرجت جيوش الفرنج من وراء خنادقهم، وحملوا على الملك العادل والمصريين فالتقوهم، واشتد القتال، فتقهقر المصريون، ودخل الفرنج خيامهم ونهبوها، فكرَّ المصريون عليهم فقاتلوهم بين الخيام، وذهبت فرقة من المسلمين، فوقفت على فم الخندق تمنع من يخرج مددًا، وأخذت الفرنج السيوف من كل ناحية، فقتل منهم مقتلة عظيمة فوق العشرة آلاف؛ وقيل (٢): ثمانية آلاف؛ وأقل ما قيل خمسة آلاف.


(١) من هنا إلى نهاية السنة نقله المصنف بتصرف من الكامل لابن الأثير ١٢/ ٥١ فما بعدها.
(٢) من هنا إلى قوله: "وكان يومًا مشهودًا" ليس في أ، ولا في الكامل لابن الأثير فكأن المصنف أضافها بأخرة من مصدر آخر.