للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحينما تناول السيرة النبوية (١) مثلًا لم يتابع مصدرًا معينًا أو يقتصر عليه بالرغم من وجود الكثير من الكتب المؤلفة فيها وكان يمكنه الاعتماد على واحد أو اثنين منها، فرأيناه يعتمد أمهات الموارد الأصيلة التي تناولت هذا الموضوع فأخذ عن "مغازي" عروة بن الزبير المتوفى سنة ٩٤ هـ، "وهو أول من صنف المغازي" (٢)، و"السيرة" (٣) لمحمد بن شهاب الزهري المتوفى سنة ١٣٤ هـ، و"مغازي" (٤) موسى بن عقبة المتوفى سنة ١٤١ هـ. أما سيرة ابن إسحاق المتوفى سنة ١٥١ هـ فإنه لم يقتصر الأخذ عنها من رواية واحدة بل اعتمد رواية زياد بن عبد الله البكائي العامري المتوفى سنة ١٨٣ هـ (٥)، ورواية يونس بن بكير الشيباني المتوفى سنة ١٩٩ هـ واستفاد من ملاحظات ابن هشام المتوفى سنة ٢١٨ هـ حينما اختصر السيرة من رواية البكائي وعلق عليها (٦). وقارن الذهبي بين هذه الروايات جميعها، ثم استفاد من شرح السهيلي المتوفى سنة ٥٨١ هـ وهو المعروف بـ"الروض الأنف" وكان الذهبي قد اختصره بكتاب سماه "بلبل الروض" (٧). كما أخذ أيضًا عن "مغازي" عبد الله بن وهب بن


(١) انظر عن كتب المغازي والسيرة، هوروفتس: المغازي الأولى ومؤلفوها (ترجمة الدكتور حسين نصار)، والدكتور الدوري: بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب (بيروت ١٩٦٠)، والدكتور حسين نصار: نشأة التدوين التاريخي، والدكتور العمري: نظرة في مصادر ودراسة السيرة النبوية (مجلة كلية الدراسات الإسلامية ١٩٧٠) وغيرها.
(٢) الذهبي: تاريخ الإسلام، ج ٤ ص ٣١ (مطبوعة)، السخاوي: الإعلان، ص ٥٢٧، وحاجي خليفة: كشف، ج ٢ عمود ١٧٤٧.
(٣) لم تصل إلينا.
(٤) وصلت إلينا قطعة منها وجدت في المكتبة البروسية وترجمها الأستاذ أدورد سخاو إلى الألمانية سنة ١٩٠٤ م، وقد وصف الإمام مالك، وتابعه الذهبي، مغازي موسى بأنها أصح المغازي (الذهبي: تاريخ الإسلام، ٣/ ٩٨٦، وابن حجر: تهذيب، ج ١٠ ص ٢٦١، والسخاوي: الإعلان، ص ٥٢٥) وقد سمعها الذهبي بالمزة على شيخه أبي نصر الفارسي (تذكرة، ج ١ ص ١٤٨) وذكر أنها في مجلد صغير (تاريخ الإسلام، ج ٦ ص ١٣٣) وقد سلخها الذهبي تقريبًا.
(٥) لقد اعتبر الذهبي زيادًا البكائي أتقن مَنْ روى السيرة عن ابن إسحاق، الورقة ٧٦ (أيا صوفيا ٣٠٠٦).
(٦) وصل إلينا تهذيب ابن هشام وطبع غير مرة. وقد سمعها الذهبي على شيخه أبي المعالي محمد بن إسحاق الأبرقوهي في ستة أيام متتالية (تاريخ الإسلام، الورقة ١٣٥ أيا صوفيا ٣٠٠٧).
(٧) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ص ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>