ظرفا منه. وصحبت معاوية، فما رأيت أحدا أكثر حلما ولا أبعد أناة منه. وصحبت زيادا فما رأيت أكرم جليسا منه، وصحبت المغيرة بن شعبة فلو أن مدينة لها أبواب لا يخرج من كل باب منها إلا بالمكر لخرج من أبوابها كلها.
قال خليفة: مات قبيصة سنة تسع وستين.
٨٦ - قيس بن ذريح، أبو يزيد الليثي الشاعر المشهور، من بادية الحجاز.
وهو الذي كان يشبب بأم معمر لبنى بنت الحباب الكعبية، ثم إنه تزوج بها، وقيل: إنه كان أخا الحسين من الرضاعة.
قال ثعلب: حدثنا عبد الله بن شبيب، قال: حدثنا موسى بن عيسى الجعفري، قال: أخبرني عيسى بن أبي جهمة الليثي، وكان مسنا، قال: كان قيس بن ذريح رجلا منا، وكان ظريفا شاعرا، وكان يكون بقديد بسرف وبوادي مكة، وخطب لبنى من خزاعة، ثم من بني كعب فتزوجها وأعجب بها، وبلغت عنده الغاية.
ثم وقع بين أمه وبينها فأبغضتها، وناشدت قيسا في طلاقها، فأبى، فكلمت أباه، فأمر بطلاقها، فأبى عليه، فقال: لا جمعني وإياك سقف أبدا حتى تطلقها. ثم خرج في يوم قيظ، فقال: لا أستظل حتى تطلقها، فطلقها، وقال: أما إنه آخر عهدك بي، ثم إنه اشتد عليه فراقها وجهد وضمر، ولما طلقها أتاها رجالها يتحملونها، فسأل: متى هم راحلون؟ قالوا: غدا تمضي. فقال: وقالوا غدا أو بعد ذاك ثلاثة فراق حبيب لم يبن وهو بائن فما كنت أخشى أن تكون منيتي بكفي إلا أن ما حان حائن ثم جعل يأتي منزلها ويبكي، فلاموه، فقال: كيف السلو ولا أزال أرى لها ربعا كحاشية اليماني المخلق ربعا لواضحة الجبين عزيزة كالشمس إذ طلعت رخيم المنطق قد كنت أعهدها به في عزة والعيش صاف والعدى لم تنطق