ملكهم توفيل بن ميخائيل بن جرجس قد نزل على زبطرة في مائة ألف، ثم أغار على ملطية، وعم بلاؤه وفي ذلك يقول إبراهيم بن المهدي:
يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي هتك النساء وما منهن يرتكب هب الرجال على أجرامها قتلت ما بال أطفالها بالذبح تنتهب؟ فلما سمع المعتصم هذا الشعر خرج لوقته إلى الجهاد، وجرى ما جرى، وكان على مقدمته أشناس التركي، وعلى ميمنته إيتاخ التركي، وعلى الميسرة جعفر بن دينار، وعلى الساقة بغا الكبير وعلى القلب عجيف ودخل من الدروب الشامية، وكان في مائتي ألف على أقل ما قيل، والمكثر يقول: كان في خمسمائة ألف.
ولما افتتح عمورية صمم على غزو القسطنطينية، فأتاه ما أزعجه من أمر العباس ابن المأمون، وأنه قد بويع، وكاتب طاغية الروم، فقفل المعتصم، وقبض على العباس ومتبعيه وسجنهم.
سنة أربعٍ وعشرين ومائتين
توفي إبراهيم بن المهدي، وإبراهيم بن أبي سويد الذارع بصري، وسعيد بن أبي مريم، وبكار بن محمد السيريني، وسليمان بن حرب، وأبو معمر عبد الله بن عمرو المنقري المقعد، وعبد السلام بن مطهر، وعبد الغفار بن داود الحراني، وعلي بن محمد المدائني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وعمرو بن مرزوق، وقرة بن حبيب، وأبو الجماهر محمد بن عثمان الكفرسوسي، ومحمد بن عيسى ابن الطباع الحافظ، ومحمد بن الفضل عارم، ويزيد بن عبد ربه الحمصي، والعباس بن المأمون بن الرشيد.
وفيها أظهر مازيار بن قارن الخلاف بطبرستان وحارب، وكان مباينا لآل طاهر. وكان المعتصم يأمره بحمل الخراج إليهم فيقول: لا أحمله إلا إلى أمير المؤمنين. وكان الأفشين يسمع أحيانا من المعتصم ما يدل على أنه يريد عزل عبد الله بن طاهر. فلما ظفر ببابك ونزل من المعتصم المنزلة الرفيعة، طمع في إمرة خراسان. وبلغه منافرة المازيار لابن طاهر، فترجى أن يكون ذلك سببا لعزل ابن طاهر. ثم إنه دس كتبا إلى المازيار يمنيه ويستميله. وكتب المعتصم إلى ابن طاهر لمحاربة المازيار، وكتب الأفشين إلى المازيار يقوي عزمه، وبعث المعتصم لمحاربة المازيار جيشا عليهم الأفشين، وجبى المازيار