للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واهاً له أعرض الأحباب عنه وما … أجدت رسائله الحُسنى ولا القربُ

ونظَمَ نجم الدّين هذه الأبيات:

لم يقض من حبّكم بعض الَّذِي يجبُ … قلبٌ مَتَى ما جرى تذكاركم يجبُ

ولي وفّيُّ لرسم الدّار بعدكم دمع … مَتَى جاد ضنت بالحيا السُّحبُ

أحبابنا والمُنَى تدني مزاركم … وربما حال من دون المنى الأدبُ

ما رابكم من حياتي بعدَ بعدكم … وليس لي في حياة بعدكم أربُ

فأطعموني فأحزاني مواصلة … وحلتم فحلا لي فيكم التعبُ

يا بارقًا ببراق الحُزن لاح لنا … أأنت أم أسلمت أقمارها النقبُ

ويا نسيمًا سَرَى والعِطْر يَصْحبُهُ … أجزت حين مشين الخرد العربُ

أقسمت بالمقسمات الزّهر يحجبها … سُمْر العوالي والهنديّة القُضبُ

لَكِدْتَ تُشبه بَرْقًا من ثغورهم … يا درَّ دمعي لولا الظلم والشنبُ

وجيرة جار فينا حُكم معتدل … منهم ولم يعتبوا لكنّهم عتبوا

ما حيلتي قرّبوني من محبّتهم … وحال دونهم التّقريب والخببُ

ثم عُرِضت القصيدتان عَلَى ابن الفارض، فأنشد مخاطبًا لابن إسرائيل عجز بيت ابن الخَيْميّ:

لقد حكيتَ ولكنْ فاتك الشنبُ

وحكم بالقصيدة لابن الخَيْميّ، واستجود بعض الحاضرين أبيات ابن إسرائيل، وقال: من ينظم مثل هذا ما الحامل لَهُ عَلَى ادّعاء ما لَيْسَ لَهُ؟ فبدر ابن الخَيْميّ وقال: هذه سرقة عادة لا سرقة حاجة. وانفصل المجلس، وسافر ابن إسرائيل لوقته من الدّيار المصرية.

وقد طلب القاضي شمس الدين ابن خَلِّكان، وهو نائب الحكم بالقاهرة، الأبيات من ابن الخَيْميّ، فكتبها لَهُ، وذيّل فِي آخرها أبياتًا، وسأله الحكم أيضًا بينه وبين من ادّعاها. ووصل بها الذَّيل وهو:

والهجر إنْ كَانَ يُرْضيهم بلا سبب … فإنّه من لذيذ الوصْل محتسبُ

وإنْ هُمُ احتجبوا عنّي فإنّ لهم … في القلب مشهور حُسْن لَيْسَ يحتجبُ

قد نزه اللُّطْفُ والإشراقُ بهجَتَه … عَنْ أنْ تمنِّعها الأستارُ والحجبُ

لا ينتهي نظري منهم إلى رُتَبٍ … فِي الحُسن إلّا ولاحت فوقها رتبُ