ناصرا، فلم يحصل منه على أمل، فتوجه على الرحبة إلى الشرق، فهلك هناك.
٢٧٠ - أردشير بن أبي منصور، الأمير أبو الحسين المروزي العبادي الواعظ.
قدم نيسابور ووعظ فأبدع وأعجب المستمعين بحسن إيراده، ونكت أنفاسه، وملاحة قصصه، وظهر له القبول عند الخاص والعام بغرابة إشاراته، ووقع كلماته المطابقة لجلالته، وكان له سكون وهيبة وأناة وتؤدة، وطريقة غريبة في تمهيد كلام سني غير مسبوق على نسق واحد، مشحون بالإشارات الدقيقة والعبارات الرشيقة الحلوة.
خرج إلى العراق، ولقي ببغداد قبولا بالغا، ثم عاد إلى نيسابور، وأقام بها مدة، وسلم إليه المدرسة بباب الجامع المنيعي، فسكنها، ولم يزل قبوله في ازدياد، وسمع الحديث في كبره، ولم يحدث، ومات كهلا في جمادى الآخرة.
قال ابن النجار: هو والد الواعظ المشهور أبي منصور المظفر، قدم أبو الحسين الأمير بغداد سنة خمس وثمانين وأربعمائة ليحج، فحج وعاد ووعظ، وازدحموا عليه، وازداد التعصب له إلى أن منع من الجلوس فرد إلى بلده، وكان بديع الألفاظ، حلو الإيراد، غريب النكت، سمع من أبي الفضل بن خيرون، وغيره، وحدث بمرو.
قال ابن السمعاني: سمعت علي بن علي الأمين يقول: اتفق أن واحدا به علة جاء إلى العبادي، فقرأ عليه شيئا فعوفي، فمضيت معه إلى زيارة قبر أحمد، فلما خرجنا إذا جماعة من العميان والزمنى على الباب، فقالوا للأمير: نسألك أن تقرأ علينا، فقال: لست بعيسى ابن مريم، وذلك قول وافق القدر، وقيل: إن بعض الناس دخل على العبادي، فقال له: قم واغتسل، فقام، وكان جنبا، وجاء عنه زهد وتعبد، وتكلم على الخواطر، وتاب على يده خلق كثير، وكان أمارا بالمعروف، مريقا للخمور، مكسرا للملاهي، وصلح أهل بغداد