للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمعت كناصية الحصان الأشقر نار بمعتلج الكثيب الأعفر وفتحت أنطاكية الروم التي نشرت معاقلها على الإسكندر وطئت مناكبها جيادك فانثنت تلقي أجنتها بنات الأصفر وأرسل شرف الدولة مسلم بن قريش إلى سليمان يطلب منه الحمل الذي كان يحمله إليه صاحب أنطاكية، فبعث يقول له: إنما ذاك المال كان جزية رأس الفردروس، وأنا بحمد الله فمؤمن، ولا أعطيك شيئا. فنهب شرف الدولة بلاد أنطاكية، فنهب سليمان أيضا بلاد حلب، فاستغاث له أهل القرى فرق لهم، وأمر جنده بإعادة عامة ما نهبوه.

ثم إن شرف الدولة حشد العساكر وسار لحصار أنطاكية، فأقبل سليمان بعساكره، فالتقيا في صفر سنة ثمان وسبعين بنواحي أنطاكية، فانهزمت العرب، وقتل شرف الدولة بعد أن ثبت وقتل بين يديه أربعمائة من شباب حلب. وكان أخوه إبراهيم في سجنه، فأخرجوه وملكوه، وسار سليمان فنازل حلب وحاصرها أكثر من شهر، وترحل عنها.

وفيها ولي شحنكية بغداد قسيم الدولة آقسنقر.

[سنة ثمان وسبعين وأربعمائة]

كان الأدفونش - لعنه الله - قد جمع جيوشه، وسار فنزل على مدينة طليطلة من بلاد الأندلس في السنين الماضية، فحاصرها سبع سنين، وأخذها في هذا العام من صاحبها القادر بالله ولد المأمون يحيى بن ذي النون، فازداد قوة وطغى وتجبر.

وكان ملوك الأندلس، حتى المعتمد صاحب قرطبة وإشبيلية، يحمل إليه قطيعة كل عام. فاستعان المعتمد بن عباد على حربه بالملثمين من البربر، فدخلوا إلى الأندلس، فكانت بينهما وقعة مشهودة، ولكن أساء يوسف بن تاشفين ملك الملثمين إلى ابن عباد وعمل عليه، وأخذ منه البلاد، وسجنه بأغمات إلى أن مات.

وذكر اليسع بن حزم قال: كان وجه أدفونش بن شانجة رسولا إلى المعتمد، وكان من أعيان ملوك الفرنج يقال له البرهنس، معه كتاب كتبه رجل

<<  <  ج: ص:  >  >>