للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن مسدي: ثم وقفت أنا على ذلك. وأجاز لي ولابني.

قلت: وتملك الديار المصرية أربعين سنة، شطرها في أيام والده.

وقيل: بل ولد في ذي القعدة سنة خمسٍ وسبعين.

قال المنذري (١): أنشأ دار الحديث بالقاهرة وعمر القبة على ضريح الشافعي، وجر (٢) الماء من بركة الحبش إلى حوض السبيل والسقاية، وهما على باب القبة المذكورة. ووقف غير ذلك من الوقوف على أنواعٍ من أعمال البر بمصر وغيرها. وله المواقف المشهودة (٣) في الجهاد بدمياط المدة الطويلة، وأنفق الأموال الكثيرة.

قلت: وأنشأ بالغرب مدينةً كبيرةً جداً، وجعلها دار ملكه، وأسكنها جيشه.

ومن شِعرِه كَتَبَه من دِمياط:

يا مُسْعِفي إنْ كُنْتَ حَقًّا مُسْعِفي … فَارْحَلْ بغَيرِ تقيّدٍ وتَوَقُّفِ

واطوِ المَنَازلَ والديار ولا تُنخْ … إلا عَلَى بابِ المَليكِ الأشرفِ

قَبِّل يَدَيْه لا عَدِمتَ وقُل لَهُ … عَنِّي بِحُسْنِ تعطّفٍ وتَلَطُّفِ

إنْ تَأْتِ صِنْوَكَ عن قريبٍ تَلْقَه … ما بينَ حَدِّ مهنّدٍ ومُثَقَّفِ

أو تُبْطِ عن إنجادِه فَلِقاؤه … يَوْمَ القيامةِ فِي عِراصِ المَوْقفِ

وكافحَ (٤) العَدُوَّ المخذولَ بَرًّا وبحرًا ليلًا ونهارًا، يَعْرِفُ ذَلِكَ مَنْ شاهده. ولم يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حتى أعزَّ اللَّه الإِسلْام وأهلَه وخَذَلَ الكفرَ وأهلَه. وكانَ مُعَظِّمًا للسُّنَّةِ النَّبوية وأهلها. راغبًا فِي نشرِها والتمسُّكِ بها، مؤُثِرًا للاجتماع مَعَ العلماء والكلامِ مَعهم حَضَرًا وسَفَرًا.

وقالَ غيره: كان الملك الكامل فاضلاً، عادلًا، شهمًا، مهيبًا، عاقلًا، مُحِبًّا للعلماء يُباحِثهم ويفهمُ أشياء. وله شعرٌ حَسَن، واشتغالٌ فِي العلم.

وقيلَ: إنَّه شكَا إِلَيْهِ ركبدارٌ أستاذهُ بأنَّه استخدمه ستةَ أشهرٍ بلا جامكيَّة،


(١) التكملة ٣/ الترجمة ٢٨٢٢.
(٢) تكملة المنذري: "وأجرى".
(٣) في تكملة المنذري: "المشهورة".
(٤) من هنا عاد المؤلف ينقل من المنذري.