قال: وكان يزعم أن النبي ﷺ لم يكن حجة الله على خلقه؛ إن الحجة لا تندرس ولا تموت. وكان يزعم أن الاستطاعة قبل الفعل. وكان يجسم الرب ﷻ وعلا سلطانه، وكان داعية إلى البدع؛ يجب ترك حديثه فكيف إذا اجتمع إلى بدعته القدح في السنن والطعن في منتحليها.
قلت: نظيره في زهده وضلاله عمرو بن عبيد. نسأل الله السلامة. وأخبث مقالاته أن الإيمان قول بلا معرفة قلب، كما حكاه عنه ابن حبان.
وقال أبو محمد بن حزم (١): غلاة المرجئة طائفتان، قالت إحداهما: الإيمان قول باللسان وإن اعتقد الكفر بقلبه فهو مؤمن ولي لله، من أهل الجنة. وهو قول محمد بن كرام السجستاني وأصحابه. وقالت الأخرى: الإيمان عقد بالقلب وإن أعلن الكفر بلسانه.
وقال أبو العباس السراج: شهدت أبا عبد الله البخاري، ودفع إليه كتاب من محمد بن كرام يسأله عن أحاديث منها: الزهري، عن سالم، عن أبيه، رفعه: الإيمان لا يزيد ولا ينقص. فكتب على ظهر كتابه: من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل.
قال الحاكم: وحدثني الثقة، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: قال أحمد بن محمد الدهان: خرج أبو عبد الله بن كرام الزاهد من نيسابور في سنة إحدى وخمسين ومائتين، ومات بالشام في صفر سنة خمس وخمسين. ومكث في سجن نيسابور ثمان سنين.
قالوا: وتوفي ببيت المقدس من الليل. فحمل بالغداة، ولم يعلم بموته إلا خاصته، ودفن في مقابر الأنبياء بقرب زكريا ويحيى ﵉. قال: وتوفي وأصحابه ببيت المقدس نحو عشرين ألفًا.
قال الحسن بن علي الطوسي كردوس: سمعت محمد بن أسلم الطوسي يقول: لم يعرج إلى السماء كلمة أعظم وأخبث من ثلاث: قول فرعون: أنا ربكم الأعلى. وقول بشر المريسي: القرآن مخلوق. وقول محمد بن كرام: المعرفة ليست من الإيمان.
قال الحسن بن إبراهيم الجوزقاني الهمذاني في كتاب الموضوعات له: كان ابن كرام يتعبد ويتقشف، وأكثر ظهور أصحابه بنيسابور وأعمالها، وبيت