قلت: كانوا لا يكتبون على النسخة طبقة سماع، ولا اسم الشيخ، فكتب جرير عن هذا كتابا، وعن هذا كتابا، وفاته أن يرقم على كل كتاب اسم من كتبه عنه، وطال العهد فاشتبه عليه.
وبكل حال هو ثقة، نحتج به في كتب الإسلام كلها.
مات سنة ثمان وثمانين ومائة بالري، رحمه الله.
قال يحيى بن معين: جرير أعلم بمنصور من شريك.
وقال أبو حاتم: جرير ثقة يحتج به.
وقال يعقوب السدوسي: سمعت إبراهيم بن هاشم قال: قدم جرير بغداد، فنزل على بني المسيب الضبي، فلما عبر إلى الجانب الشرقي جاء المد، فقلت لأحمد بن حنبل: تعبر؟ قال: أمي لا تدعني، فعبرت أنا، فلزمته، وكتبت عنه ألفا وخمس مائة حديث.
وكتبت عنه قبل أن يخرج إلى مكة.
قال يوسف بن موسى القطان: مات جرير ليوم خلا من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن ثمان أو تسع وسبعين سنة، وصلى عليه ابنه عبد الله.
٤١ - جعفر البرمكي.
الوزير جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك، أبو الفضل، أصله من الفرس، كان مليحا، جميلا، لسنا، بليغا، عالما، أديبا، يضرب بجوده المثل، وكان مسرفا على نفسه، غارقا في بحر اللذات، والمعاصي، تمكن من الرشيد، وبلغ من الجاه والرفعة ما لا مزيد عليه، وولي هو وأبوه وإخوته الأعمال الجليلة، وكثرت عليهم الأموال.
وقد مر في الحوادث من أخباره، وأنه قتل في صفر سنة سبع، وقد ولي نيابة الملك على دمشق، فقدمها في سنة ثمانين ومائة.
ومن ألفاظه: قال مرة للرشيد: إذا أقبلت الدنيا عليك، فأعط، فإنها لا تفنى، وإذا أدبرت فأعط، فإنها لا تبقى.
قال محمد بن جرير: هاجت العصبية بالشام وتفاقم الأمر، فاغتم